الأحد، 30 يونيو 2019

شبح البطون



أشمر عن ساعدي وأقلب أوراق الفنون التي تزغرد لها البطون، أعرف جيداً كيف ألعب لعبة السحر؟، أفتش عن تلك الخلطة العبقرية التي يتساقط من هولها آلاف الفحول!!

إن مطبخي أحد جنودي المخلصين، من هنا أحكم العقول والقلوب والعالم بأسره، من هنا أسيطر على المشاعر وأهيمن على الأنفاس وأرواح الجميع، إن هذه المقادير الأخاذة، وهذه التوابل المجنحة، لها نفوذ أتربع من خلالها عرش الصدارة، إنني أعتقد جازمة: إن أقصر الطرق لقلب الرجل بطنه، فمن يستطيع مقاومة الشذى؟!

جزء من ملذات الجنان التي يتحدث عنها القرآن ملذات الأطعمة اللذيذة والمشروبات الفاخرة، لا يتمكن العنصر البشري عامة مقاومة زقزقة المعدة، كيف برجل متعب يصهره الجوع؟!، لا ريب أن سطوة الأطباق ستدفعه للاستسلام ويرفع على الفور رايته البيضاء.

الخطة التي سأعدها يجب أن تكون محكمة الإتقان، أتناول القلم لأضع حذافير الهجوم: الطبق الأول: الخضروات المحشية المشكلة، الطبق الثاني: مثلثات السمبوسك باللحم، الطبق الثالث: دجاج مشوي بالفرن مع الرز، الطبق الرابع والخامس، ووو

أضع في قلب الجوال، كلماتي المحترفة والمزينة بالقلوب: «لا تنس موعدك، هذا النهار مع مائدة فاخرة، رائحة الأطباق ستجرك من كل ارتباط... بانتظارك على جمر»، أقذف بها في انشراح، لأواصل التكتيك، وتختمر في عقلي علامات السعادة على محياه؛ فيتضافر الحماس لأبلغ غاية التوقع، أضيف حبات البقدونس والنعناع في الحشوة الملكية، وأضع الزبادي والبهار الهندي فوق الرز، أكثر ما يهمني هذه اللذعات العجيبة التي تقلب الأطباق إلى مائدة خرافية تعرف الحريم صناعتها.

يقولون أن الرجال أمهر في الطبخ، سأقلب عصا التوازن لنرى مفعول السحر، قلبي يتحرك مع الساعة، لا أعرف كيف يخونني الوقت؟!، لا ريب أنه سيصل قبل الجهوزية، أرتمي على الجوال مجدداً؛ لأشغله بمهمة وليتضور جوعاً؛ فالشهية أفضل طباخ!

هذه الأطباق جاهزة للزفاف، والمائدة منصوبة، ووقع الأقدام قريب، حفلة إبداع كانت ألتهم ورائها أصابعه كما يقولون، هذه الروائح الشهية تنقل القاصي إلى أعتابي؛ حتى أن الجيران يتهامسون ويسيل من أفواههم اللعاب، الأنوف تحلق إلى مملكتي، تقبيل اليد والرأس وكلمات الإطراء، كلها تتراقص أمام عالمي الجميل، أشعر بالاعتزاز والنشوة، حققت كل أحلامي ومراداتي، إلا أنني لم أفطن لشبح الأطباق الذي يطالعني من حوض الغسيل!!

نقشة على زورق رحيل





زوارق مليئة بالزهور .. أبعثها إليك يا أمي .. وكلي أمل إن تصل إليك .. دفعتها نحوك ببسم الله .. شراعها التوكل عليه .. وحشوتها بما مكنني ربي من صالح الأعمال .. هذه الشموع المتلألئة على متنه المشع بالضياء يدفعني إلى التفاؤل .. يرتد إلي طرفي خجلا وأنا أبعث لك ضياءً ونوراَ .. وأنت النور الذي به أحيى والضياء الذي عليه أموت ..

أماه .. إن لفقدك مرارة وألما .. وأنا أخطو ما تبقى لي من أيام.. وعكاز أربعينك يمر عليّ برياح الذكريات.. أتذكر ابتسامتك كلما شاهت ثغر زهرة باسمة.. أتذكر عبيرك كلما شممت أريج ياسمينة حالمة .. أتذكر عطاءك كلما اغترفت من معين صافٍ يلتذ به الشارب.. أنت الغيث الذي فقده قلبي، فأضحى صحراءً جرداء لا نبع فيها ولا كلى .. لذا حق لي إن أعقد في أعماق ضميري مآتم الذكرى الأليمة كلما وقفت على باب حجرتك الشاحبة !، أعقد مجلس عزائك كلما مررت على قبرك المورق بالزهور اليافعة..

الأم ليست مدرسة وحسب، الأم هي الحياة .. الحياة بكاملها، فمن فقد مثلما فقدت فقد فقد كل حياته، أماه لك مذاقك الذي لا يقارن بطعم الشهد والعسل.. إلا أننا في حزن من رحيلك يا أمي.. وعلى أديم ضريحك يحلو لي أن اسكب الدموع وأتلو على قبرك الفاتحة .

http://www.alnoor.se/article.asp?id=121675

تمائم الحب







تحية يسوعية مباركة للأشقاء
في يوم ميلاد يسوع المسيح
من قلب مسلم عشق النور
الذي أضاء في غسق الديجور

«تمائم الحب»
قد غرفتُ الماءَ والماءُ مخلوقُ يديك
تقلب الطين فيغدو طائراً من شفتيك
تنفخ العظم فيحيى العظم في ساعديك
وكذا كل ضرير لابد يبرى من ناظريك
تمسح الأبرصَ يرتدُ صحيحاً عليك
+++
جذبة الأرض ستزهو بخطاك
ريقك الطاهرُ نبعٌ في سماك
وغياث السحب بعضٌ من نداك
وفراشات الحسان من عطاك
وزهور الريف طوعٌ لهواك
+++
ولدتْ مريمُ فازدانَ الربيع
كوكب أشرق فانصاع الجميع
وجرى النهر بصحراء الربوع
جذع نخلٍ يُلقي أثماراً يُطيع
+++
كيف لا تناصعُ والأمرُ أتاها؟!
تخضر الصحراءُ في طوع هداها
وبهيمُ الليل من كفه اليمنى ضياها
ويسوع بسمة الدنيا تراجيجُ سناها
+++
قمريُ الوجه والوجه أسعد
وصفات الزهر في الخدين وَرَّد
وكحيل العين بالنور أغيد
كفه كافٌ بـ «دستور محمد»
وكذا خال شدقيه نون تسيد
+++
إنه روح من الله «المسيح»
سائحٌ بالخير كم كان يسيح؟
يُخرجُ الموتى وله يحيي الذبيح
يرتدي بالصدق سربال المسوح
إنني بالهدي أحياهُ فما كان ذبيح
+++
قصة القتل كِذْبٌ أم يقينا؟
أترى نحتاج للصلب جهينة؟
ليس يعنيني وأنا فوق السفينة
إنني عبدٌ واعشقه هيا ارحمونا
مزقتنا خربشات الحاقدينا
+++
فغدا الكونُ مسيحينٌ ومسلم
كلنا لله عبدٌ وإليه سوف نَقْدِم
مسجدٌ أو كُنَّاسُ للخلق يهدم؟!
مزقتنا أخوتي والتمزيق مؤلم
ومراراتٌ وكم حقدٍ ستُسهم؟!
+++
رغم ما يجري أنا أهواه المسيح
هو حبي ولكم أعشقه حتى أصيح
كل سيل من دماهُ عبق مسك يسيح
أنا أهواهُ، بالملأ الأعلى وإن كان ذبيح
صدقوني إنه الحب أما يشفي الجروح؟!
+++
قد تجلى الله في الذكر الكريم
حين ناداه موسى - بالطور - الكليم
فتجلى الله للصخر، بالنور العميم
فلماذا روحه منه ولا يحلو النسيم؟!
أم ترى حق لنا ولهم لا يستقيم؟!
+++

أعشقُ واللهِ روح الله «يسوع»

إنه النور لكل الخلق كم كان يضوع
وله الإنجيل ذكرٌ هل يضاهيه سطوع؟
غرسُ دين الله حب، وبه الزهر ينيع
فلماذا ضاق صدر، ومتى نحوي الجميع؟
+++
كلنا ينتظر الفجر المسالم
سوف يأتينا وله تحلو الخواتم
إنه البطل المزبور والفتح المقاوم
ومسيحُ الخير بالتوحيد للفرقة هادم
ليس شركاً فمتى نعلق بالحب تمائم
+++


على متن فرشاة




لم تكن تعيش في جسدها فقط، فروحها تلامس القلوب وتعيش فيها، فردوسها الابتسامة وحكايتها التفاؤل، الأمل لا ينقطع عن مسرح حياتها، تعبث بمحبرة الألوان فيتنفس الإبداع من جديد، تصول في معارض العالم صباحاً وتؤوب لقريتها في المساء، رحالة على متن فرشاة، ميدانها الفضاء الرحب، تكره القيد وتغرس الخنجر في كبد الضغينة، فؤادها ينبض بالحب، والحنان يسبر أديم الحياة، من غلالة خصلات شعرها يفوح المسك ويتناثر الربيع..

صفاء المشاعر الذي ينبع من منجم الإحساس فيها؛ يتخطى على الوجوه كعبق ياسمين، في يديها بعض خربشات ولدت من رحم الروح، فكانت بوابة تتأرجح معها إرادة قصة لا ترغب بالأفول، والأصيل الذي يحاول أن ينتهك خزانة التميز؛ تمانعه رغبة لحوحة في إكمال المسير، فهل لأحد أن يقتلع جذور الجبال؟!

تسافر فوق الغيوم، فهي حالمة تحمل الفرشاة الضحوك، فالابتسامة قبلات تنثرها مع كل ورقة خريف للتو قد سقطت؛ فتحيلها إلى زوارق نجاة يركبها الغرقى والمذعورين من قسوة الزمان.

لوحات كبيرة بحجم الجدار، ترجوها أن تسكب عليها بعض ألوانها التي تقلب الجدار إلى بستان يتفجر منه الأنهار، وتتمايل فيه أطيار، وتتماوج حوله أزاهير فتية، يتراقص حول بتلاتها نحل مثابر، وتختلس الضفادع الخضراء المرقطة بعض النظر لالتهام حشرة صغيرة لتو تمرق من أمامها، تضحك الأرانب والسناجب في ذلك الجدار الذي ولد للتو فبدأ يضحك بعد صمت مريع.

هذه جزء حكاية ترسمها ريشة محلقة والبقية مكتومة في علبة السحر التي لا يعرف شفراتها إلا فرشاة رقيقة كتومة جداً، ولا تفصح عن أسرار جارتها حتى يبزغ النهار، ومع أول خيوط الشمس في بكورة صبح بارد.

تتسابق في ذلك البستان الكبير الممتد بعض عصافير مغردة لتلتهم حبوب القمح المتناثر جراء هبات نسيم ليلي متناغم، تتعكر صفحة الجدول على وقع أقدام مخلب نسر ينقض لالتهام سمكة كبيرة تفلح بالفرار من قبضته بصعوبة.

لا تنام الشمس كثيراً، فهي في رحلة بعيدة نحو الغرب تسير، وصاحبة الفرشاة تنام من فرط الإرهاق والإعياء، إلا أن خيوط الشمس البريئة تغازل هذه الحسناء الغجرية الممتدة فوق السرير الزهري، ليفر التثائب؛ وتعاود رحلة الحرية على صهوة هذه الفرشاة التي لا تعرف الكسل، حتى أن استراحتها القصيرة، هي جولة تأمل وتخطيط لإبداع قادم ينتظر الإفصاح.

إننا نحلم ذات يوم أن نعتلي هذه الفرشاة السحرية، إلا أن المسافة بين الأحلام والواقع رقعة هلامية تتمغط، فإن لم نعتليها اليوم أو غداً أو بعد غد، لا بأس أن نحلم مع أحلامها؛ ويكفينا أن نقول : أننا كنا رفقاء يوماً في عالم لا يمت لليقظة بصلة ولا للواقع بمكان.


عقوق







الريفُ يا بسمة الأسحار يستدعي شواطينا
والموجُ يرقصُ في الأعماقْ
في صاريةِ الوجدانْ
هل تعودي مرساةَ ماضينا؟!
الجَدُّ وَدَّعَكِ
ونحن ندفنكِ وندعي صُنْا تراثكِ الميادْ

تراثنا الضائعُ المنسي

تراثنا الهائمُ المخفي
تراثنا المذبوحْ
هل تنسى بأننا الجرمُ في طمسِ معالمنا؟!
هل تنسى بأنَّ الجرحَ تُنكيهِ مزاعمنا؟!
هل تنسى بأنكَ المذبوحْ؟!
أم تبكي على الأحفادْ ؟!
والجَحْدُ ما بارحَ الأفعال يا رقصةَ الأجدادْ
جودي علينا كما جُدتِ على جدي
فذاكرتي تحكي قليلاً من حكايانا
أما الكثيرُ؛ فضائعٌ في قماماتي
البِزَّةُ المعقودة في الحلق تشنقني
والساعةُ الفِضِّيةُ في الرُسْغِ تأسرني
وحذائي يا حذائي ما زلتَ تهرسني
وذاكرتي تَحُنُّ لذاكرةِ الأجدادْ
فليستْ تغادرُ المنفى إنْ كانتْ تغادرني


قَبْرُ الحَبِيْبْ



إليكِ جذوع النخيل التي
ثواها بقلبي رفاتُ الحبيبْ

إليكِ جذوع اللحود فكمٍ
شغافٍ طواها حنينُ القلوبْ

وحضنُ جذوعكِ قبرٌ جميلٌ
يهدهدُ مهدهُ جرحَ الخطوبْ
**
فكمْ دَمْعَةٍ اطلقتها السنين؟!
وجاءَتْ بوجهٍ أفاضَ الشحوبْ

وأحرق قلبي زفيرُ الأنين
أما لكَ من مخرجٍ للهروب؟!

بكاني رفاتك، ثار الأديم
وهبتْ لأجلي رياحُ الهبوب
فعطفكَ يا قبرُ لم ينسني
ولكنَّ أسراكَ لا لا تعود!!
**
إليكِ جذوع الحبيب سلام
فهل بعد جرحي يعود البسام؟!

وهل لنا بعدك طاب الغروب؟!
غروبك أخرس مني الكلام

كلامكَ يقرعُ في خاطري
وخاطري فيكَ أطال الحديث
**
يدور الحديثُ وما من مدير
ويلهو به كيف شاء الأمير؟!

أمير القصيد غفى في التراب
ورغم سباته يحيي القلوب
**
أشتتُ نفسي يميناً يسار
ورُحُكَ عندي بـ (آه) الزفير

فتهطلُ مني دموع السحاب
أليس بروضك يجري الخرير؟!

فروض زهورك في مقلتي
ومقلة زهري بتلك اللحود
**

http://www.alnoor.se/article.asp?id=305936


أين أنت يا حب ؟!


 


ولد الإنسان فقيراً من التهذيب ، بعيداً عن الرقة والليونة والملاطفة ، فكانت عصور صعبة تمر بها البشرية ، فهناك : العصر الحجري ، وعصر القسوة والقتل، وعصر الجاهلية والجفاف الصحراوي، عصر وأد البنات وقتلهن أحياء، عصر امتهان المرأة وسوقها سبية كالغنائم والمواشي، حتى في حضراتنا ولد العصر بلاستيكياً فدبت الخلافات والمناوشات والصراخ في الأسر وبين الأزواج، هكذا تتفاقم الخلافات في البيوت وتدب المشكلات في المجتمعات ، والفتن والثورات والحروب المدمرة في العالم الذي يضج بالدماء والدمار .
لماذا كل هذا ؟! ، الحل سهل وبسيط هو أن نحل الحب بيننا ، فأين أنت يا حب؟! ، الحب هو الحل ، وله مفعول (مكعبات السكر)، حين توضع في الأقداح الساخنة، فلنبحر مع هذا الكائن الجميل ، فبالحب تهذب الأخلاق، بالحب تذوب القسوة والفضاضة، بالحب والرقة تضمحل الجاهلية وتترطب الأجواء، لا خلافات في وجود الحب، وهل الدين إلا الحب ؟!، الإسلام هو دين الحب، فالصغير يحترم الكبير بالحب، والكبير بالحب يعطف على الصغير، وهكذا كل المشكلات تصفر وتنتهي بالحب الشفيف ، بالحب الطاهر العفيف ، بالحب النقي الذي يدغدغ شغاف القلوب ، فيشع في مكتنهات النفس الراحة والسعادة والهناء ..
أينك أيها الحب عن مجتمعنا ؟! ، لماذا لا نراك تتجول في أروقتنا وبيوتنا ؟! ، أيها الحب الضائع عنا أو الضائعين عنه ، هل لنا أن نتقابل ؟! ، هل لنا أن نتعانق ونبدأ صفحة بيضاء جديدة؟!
لنعقد الصلح مع هذا الحب ، لنصادق هذا الحب الذي غاب عنا فتوحشت أخلاقنا ، عزيزنا الحب يا أيها القلب الأحمر النابض بكل خير ، نرجو منك أن تصفح عن كل زلة ، نحن البشر مشبعين بالأخطاء ، فنرجو منك أن لا تهجر قلوبنا ، ألست أقوى من كل بغض وكراهية ؟! ، ألست الأقدر من كل وحش وقسوة تعملقت في دواخلنا ؟!
تعال إلينا أيها الحب الذي أصبحت عاراً عند بعضنا : فالأب يحجم عن تقبيل ابنته ، والأخ يستحيل أن يصافح شقيقته ، والرجل يرى أن كلمات الحب لا تليق بمكانته ، بل نجد أن رسم قلباً أحمراً من العيوب التي لا تناسب الحضارة ..
وهل تبنى الحضارة إلا بالحب ؟! ، الحب غاب عنا وحُرب بأسماء كثيرة ، فعيد الحب محرم عند البعض لأنه مستور من الكفار ، والوردة الحمراء 🌹 ، نستحي أن نقدمها لأحد لأنها عنوان الحب ، وعيب أن نرسم رموز القلوب 💕💞💓 ، لأنها تشير للحب .
النبي يقول : (وهل الدين إلا الحب ؟! )، ونحن نعتبره وصمة عار ، حرفان صغيران لا يجرؤ الكثير على قولها هما : (حب)، فهل يستطيع أن يقول الولد لأمه : أنا (أحبك) ؟!
العادات الشرقية المتوارثة شوهت هذا الحب الجميل ، فحور الحب وحجم إلى : غرفة نوم أو جنس ممنوع أو حرام أو عيب أو ...، لهذا ولد الجفاف في البيوت وسيطر علينا الجوع العاطفي بامتياز، كلنا اليوم نحتاج لكلمات الحب ، ولكن من يستطيع أن يقول لمن أحبه : أنا (أحبك) ، إنها الكارثة التي ستقع ، من يجرؤ أن يكتب لمن أحبه كلمة (حب)؟!، من يتمكن من رسم ، أو يبعث 🌹 لمن أحبه ؟!
العادات المتوحشة مسيطرة علينا ، والحقيقة أن كلمات الحب لا تخدش من الرجولة ، ولا تخل بالدين ، ولا تقلل من الأخلاق والمروءة ، ولا تعني أن من يقول كلمة أنا أحبك أصبح مرتداً عن الشريعة ، ولهذا نحتاج أن نعالج هذا الجفاف وأن نشبع هذا الجوع ، إننا نعيش حالة القحط العاطفي ، فمتى يأتي لنا يوسف ليحل لنا لغز البقرات والسنابل؟!
إن الحل بسيط هو أن نعتاد كلمات الحب ، وأن نكسر الجمود ، ونتقبل الوضع الصحيح ، فكل عام والأحباب بخير وكل سنة والمحبين يصدحون بكلمات الحب



منصات لتبادل الأفكار






وانسلختْ ليالي الخير ، بعد أن نهلنا منها كلاً وفق هواه وذائقته ، ولكن ما هو الجديد الذي كسبناه لنواجه به أيام العيد وما بعده؟! ، البعض استهدف التقوى ليملأ بها خزانته الروحية والوجدانية ، والبعض جعل من المعارف والعلوم هدفاً ومضرباً لسهام غاياته ، والبعض حملته النقاشات والحوارات لتوسع رصيد مداركه ، البعض احتضن كتباً ليحلق بها ومعها نحو فسيح السماوات .
ما أجمل أن نضع منصة نتبادل فيها مكتسباتنا ، وأبرز المفاهيم والأفكار التي تحصلنا عليها خلال ثلاثين يوماً ، والبداية مني فلتكن :
* المكسب الأول :
يرى (جون كوتر) - أستاذ إدارة الأعمال في هارفارد- أن التغيير يحتاج لثمان مربعات ، منها : الشعور بالحاجة للتغيير ، وبناء التحالفات لقيادة ذلك التغيير المنشود ، فكلنا بصدق نشعر بالضجر والملل لهذا ندرك جيداً حاجتنا لتقليب الظروف وهجر القديم المتعتق، لهذا نمتلك المربع الأول ، فلماذا لا نتحرك نحو عقد صفقات التحالف ؟! ، لننشئ مؤسسة تكفل لنا تحقق هدف التغيير المنشود ، وبها سنبلغ الغاية . ( التغيير للأفضل ) ..
* المكسب الثاني :
في برنامج الليوان أعجبني محاورها (عبدالله المديفر ) واسع الصدر والشكيمة مع محاوره ( منصور النقيدان ) الذي أخبره أنه أصبح من غلاة المرجئة بعد أن كان من إخوان بريدة ، لم يرفضه ويشتمه حين أبلغه أنه لا يصلي !!، فهو أبدل الصلاة بالتأمل والتفكر والمحبة ، ما أحوجنا أن نمتلك صدوراً كبيرة ، أن نتفهم التنوع في إطار الوحدة ، فما أجمل اختلاف الزهور في الباقة العطرة ، فهل سنفسح المجال للغير أن يتنفس معنا الهواء ، رغم أنه يخالف العرف والتقاليد والمجتمع وكل ما هو سائد ؟! . (تقبل الآخر المختلف ) .
* المكسب الثالث :
قرأنا في القرآن المجيد أن الله (غفار)، وهي صغية مبالغة تفيد كثرة المغفرة ، فهل نتصف بهذا الجمال الخلقي الرفيع ؟! ، هل يعفو سيد الموقف حينما يملك ناصية الأمر ؟ ، كثيراً ما أرى مثل هذا الخلق لدى الآباء والأمهات والمعلمين وتطول المسميات ، يكفي أن القدوة هو النبي الخاتم قد صفح عن قريش، (فبهداهم اقتده) يأمرنا الذكر ، من جرب لذة المغفرة سيدرك أنها ضرورة حياتية ينبغي أن تكرس . ( تجديد الصفحات البيضاء ) .
* المكسب الرابع :
هل شعر أحدنا أن حياة واحدة لا تكفي؟!، هل ضاق بنا الزمن ذات يوم فلم نملك وقتاً للقراءة ؛ فأخذنا الكتاب معنا لمائدة الطعام ، لا نعجب حين نشاهد بعض الأمم وضعت مكتبة في المخلاة (دار الخلاء)، أو أمسكت الصحيفة وهي تسير ، وتناولت الكتاب في كل وقت حتى قبل الخلود للنوم ، ماذا نسمي هذه الحالة ؟! ، وهل ممكن أن تمسنا هذه العادة الطيبة ؟! ، نتمنى أن نرتشف من الغير جواهر السلوك ، حتى نتقدم باقتفاء الأثر . ( النهم المتجدد نحو المعرفة ) .
* المكسب الخامس :
في أحلام العاجزين يقطن المستحيل، ولهذا علينا أن نعيش الصمم حينما نسمع عبارات المثبطين ، ولنا في الضفدعة الصماء خير مثل للخروج من البئر ، بل منها نتعلم أن نعكس كلمات التثبيط للتشجيع والتحفز ، حينها سنقتحم المستحيلات ونحقق الانتصارات ، فلا مستحيل على الشمس ، ولا مستحيل على الجسور ، فهل سنلقي بالعقبات وراءً ونحتضن النجاح ؟! . ( لا لكلمة مستحيل ) .
* المكسب السادس :
كثيراً ما نجرب مجموعة المفاتيح ، فنراها لا تفتح ، ثم يأتي المفتاح الأخير فيكون فيه علاج الباب ، كثير منا ييأس ؛ واليأس جريمة علينا أن نتوقاها ، فكم من نفق نهايته الضياء والنور ؟! ، أليس أصل الشجرة بذرة ؟! ، إذاً هناك حل فبداية الغيث قطرة ، لو أعطيت وردة متفتحة فلا تنظر للشوكة ، بل تأمل تلك البتلات الزاهية التي تعبق بالشذى والأريج ، لو أظلم عليك الليل فهناك فجر ضاحك ، لو قست قبضة الشتاء لابد من فصل الربيع ، فلماذا يتحكم فينا اليأس ؟! . ( المزيد من جرعات الأمل ) .

http://www.umalhamam.net/?act=artc&id=11965

حرب في الخليج


حرب في الخليج



يذكر طفولته وإيقاعات قريته التي تمجد الزراعة والبحر، البعض زاول الفلاحة ليخرج من الأرض كنوزها ثمرات يانعة، والبعض غاص في البحر ليخرج اللؤلؤ الثمين أو يأتي محملاً بلذيذ الأسماك الطريقة . الحياة في القرية خلية نحل ، تضج الأحياء بالنشاط ، يتذكر جيداً أنه سأل والده ذات مرة وهما في طريق العودة من البحر وبين يديه لؤلؤة : (كيف تتكون هذه اللؤلؤة في قلب المحارة يا أبي؟!)، سأله ولاتزال عيونه مثبتة عليها، (إن المحارة تفرز عرقها على أي جسم غريب يدخلها فتتشكل بداخله هذه اللؤلؤة ، حتى يأتي دورنا لاستخراجها من داخلها)، هكذا يبدأ الحديث الذي لا ينتهي ووالده يجب عليه بكل صبر وأناة .
السوق مزدهرة بكنوز البحر وثمرات الزرع، والعيش الرغيد تصحبه حبات العرق والعناء، ولكن النوم لذيذ بعد يوم شاق من التعب ، يصحبه والده لخوض رحلة بحرية يتراقص فيها الموج وتقذف في أمواجه الشباك التي تسحب محملة بالهامور وأصناف السمك البهية ، يتمايل أمجد مع أنغام البحارة ويتراقص مع تراقص الموج ، لم يكن يصحبه والده كثيراً في رحلاته لصغره وخشية عليه من المخاطر ، سمع مرة تهامس الكبار عن حرب بين العراق وإيران ، رغم أن الأمر لا يعنيه لكنه كان يخشى أن تصله قذيفة من هنا أو صاروخ من هناك ، حدث والده قبل نومه في تلك الليلة : (أبي..أبي .. هل تصل الصواريخ لدارنا ؟!)، (كلا يا بني ، فالحرب لا تعنينا ولسنا شركاء فيها)، يتقلب في فراشه وتخيلات المعارك لا تتوقف في ذهنه ، رغم حديث والده المطمئن .
في سن مبكرة فقد أمجد والده فحزن عليه كثيراً ، لكنه لم يترك بعض عوائده ومنها مهارات الصيد ، التي استمر على مزاولتها أيام العطل ، وبين الفينة والأخرى يحدق في السماء لعله يلمح طائرة حربية تعلن عن نشوب قصف بالجوار؛ فيهرع بالاختباء والاختفاء . انتهت تلك الحرب دون أن يعرف من هو المنتصر؟! ، مرت سنوات الدراسة سريعة وفي خضم دروسه المدرسية سمع عن حرب أخرى بين العراق وجارتها الكويت ، هذه المرة شعر بالخوف الشديد لقرب الكويت من بلدته ، أي أن الشرر قد ينال منه شاء أم أبى، يتذكر جيداً دوي صفارات الانذار المتقطعة والمتواصلة التي تصيبه بالفزع ، توقفت حينها الدراسة بسبب هذه الحرب التي أصابته بالرعب .
اشترت عائلته أقنعة واقية للحماية من الغازات السامة التي قد يستخدمها الجيش العراقي بقيادة صدام حسين ، هلع أمجد وهو يتذكر موت الصراصير حينما يبادوا بالمبيدات الحشرية ، تخيل أن له ذات الدور ؛ يلاحقه دخان المبيد فيصاب بالرجفة التي لا تفارقه ؛ كسعفة في مهب الريح يبقى كلما سمع صوت صفارة الخطر، وكأن السماء يسكنها التنين الذي يمطر الناس لهباً وقذائف ، فيأخذ في الجري لداره ويده على أنفه حتى لا تصيبه السموم التي قد تستخدم في أية لحظة .
الكوابيس تنال منه كل ليلة ، فتارة يرى جندياً يريد قتله ، وتارة يرى في السماء طائرة محترقة تهوي عليه ، وأخرى يشعر بالاختناق لأن الرئيس العراقي حشر العالم بالدخان السام الذي يطلق عليه (الكيماوي) ، وإذا استيقظ من فراشه تناهى لمسامعه حديث الكبار الذي يزرع الرعب في نفسه وفي نفوس أترابه، والأمهات تتعمد اخافة الصغار وهو بينهم يرتاع بما يسمع ، فيضل في زاوية خفية متكوماً على نفسه أو تحت سرير متدثراً بدثار حتى يزول الخطر .
انتهت أزمة الكويت ، ولم تتوقف الحروب ، فمرة في فلسطين ومرة في البوسنة والهرسك وثالثة في الشيشان ، وهكذا عاش أمجد معاناة الخوف من الحروب دون أن يرى دخانها ، وجاء الربيع الذي أحال لونه خريفاً وأطرافه شتاءً ، فالدماء حين يراها في الطرقات يصاب بالغثيان والدوار ، فلا يتمكن من الاتزان حينما يرى عنفاً يسير في الطريق ، وما إن انتهى الربيع حتى سمع بمعارك هناك في الحد الجنوبي صواريخ وطائرات مسيرة تحرك للتدمير والتفجير، ترك متابعة الأخبار المؤلمة  وعزف عنها، غير أن الجميع ينقل له الصوت وفي مخيلته تكتمل الصورة ، واليوم يعيش حالة فوبيا الحرب ، بعدما سمع أن هناك معركة جديدة يدور رحاها مع إيران على مياه هذا الخليج ..