الخميس، 30 يونيو 2022

كن من السائرين على الدرب

 


في البداية سأتحدث عن "قسم الكتّاب"، المعلوم أنّ للأطباء قسم يقسمون عليه، فلماذا لا يكون للكتّاب قسم؟، لصيانة الحرف وصون مهنة الكتّابة، فإذا كان الطبيب يشرف على الأبدان؛ فالكاتب يشرف على الأرواح والعقول والأجساد، من هنا ألزمت نفسي أن أقدم واجبي الثقافي لأمتنا العربية والإسلامية بالسير على منهاج الكتّاب المخلصين، في القراءة والمطالعة ثم الإنتاج والتأليف، إلا أنّ مشاغل الحياة اليوميّة أخذت تنافسني على هذا الوقت المحدود والمحصور بالـ (24 ساعة)، ومع ذلك وضعت هدفًا لا أحيد عنه في يوم ميلادي الهجري الذي يصادف ( 1 ذي الحجة )، وبفضل الله حققت جملة كبيرة من الأهداف التي ظننت أنه من المستحيل تحقيقها، إلا أن الكثير منها تحقق بفضل الله، وما تبقى سيأتي في القريب العاجل.

في هذه المناسبة السعيدة نقول: علينا أن نحتفل لا بأعياد ميلادنا بطريقة البسطاء، بل بما ننجزه كل عام، فليصنع كل مُجد لنفسه "تورتة"، ويحتفل بها على طريقة المبدع إبراهيم الفقي "عليه الرحمة"، ثم نذيل حفل الميلاد بعبارة (كل عام وأنت منجز وناجح)، (كل عام وأنت تديم العطاء)، في هذا العام وافقت سعادة عيد ميلادي، بسعادة نجاح طلابي الأعزاء، ففي كل عام يخرج من بين يدي عشرات الطلاب المتميزين، الذين سأشتاق لهم حتمًا، بالإضافة إلى سعادة ثالثة هي سعادة إنجازات عام حافل بالتميز والعطاء، وهنا أضع الخلاصة، وهي الحكمة المستقاة التي تنص على أنّ: "من سار على الدرب وصل".

عليه ندعو جميع الأحبّة أن يضعوا لهم خططًا وأهدافًا يسعون لتحقيقها ومن المهم ربط نتائجها بيوم عزيز أو تاريخ يوم ولادة، لنقيس النتائج ونقيم المخرجات، في الختام نقول: "ضع العزيمة بين عينيك، وحقق الإنجازات التي تحلم بها"، نقول: "جرب ولن تندم.. فهي دعوة للتجريب، وإليك الحكم في الأخير". 


الجمعة، 24 يونيو 2022

لا تنظر للأعلى.. فأنت بخير

 



لماذا ننظر من نوافذنا إلى قمم الجبال؟ لماذا أعناقنا تشرئب نحو المُحَال؟، لماذا ننظر بعيون الغيرة لمن أمدهم الله بالمال؟، الفقير يتمنى العثور على المصباح الذي ينقله بطرفة عين إلى بساط الثراء، يرى ثوبه العتيق الخَلِق، ويرمق مائدته البسيطة المتواضعة فيطمع ثم يطمع ثم يطمع، ويقول: "لو أن الله يبسط عليّ رزقه، كالملك الفلاني والوزير العلّاني والمشهور فلتاني"، وتطول قائمة التمنيات المسبوقة بليت وأخواتها وبنات عمها، ويغفل أنّ الله لم يضع هذه الدار للإقامة، كما يغفل عن فقد أمواته الراحلين، وأنه إليهم صائر بعد انقضاء الوقت وفراغ قاعة الامتحان، هذه الشنشنة التي يدندن بها الفقير ليل نهار قد سمعها الله منذ زمن بعيد ويعلم بها قبل أن تكون كيف ستكون؟، حتى أنه قيد هذه الأقوال عينها في كتابه المجيد بقوله تبارك وتعالى: (قَالَ ٱلَّذِينَ يُرِيدُونَ ٱلْحَيَوٰةَ ٱلدُّنْيَا يَٰلَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَآ أُوتِىَ قَٰرُونُ إِنَّهُۥ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍۢ)، لماذا نغفل عن قارون الزمن البائد؟، ومصيره الذي يقول فيه تبارك اسمه: (فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ).


يعاد الشريط فيتمنى فقير اليوم ما في يد قارون هذا الزمان، فتعيد الآيات نفسها لتكبح التمادي: (وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ)، (وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ ۖ لَوْلَا أَن مَّنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا).


الإنسان هو الإنسان لو أعطي جبلًا من ذهب لطمع أن يكون له جبل آخر، ولا يسد عين ابن آدم إلا التراب، لماذا ننظر إلى نصف الكأس الفارغ ونغفل عن النصف الآخر؟، العجيب أنّ الملك والوزير والمشهور ينظرون من عليائهم إلى عامة الشعب ويتمنون ما منحهم الله، فيقولون: "لماذا ينام الفقير دون كوابيس؟، لماذا لا يصاب البؤساء بالأمراض؟، لماذا يحرمني الله من الأبناء؟، وإذا منحنا الذرية كانوا غير أصحاء"، هناك مصائب لكل شخص، حتى الغني الوافر لديه ما يُؤرّقه، فكم من غني لا يجد لمرضه علاجًا؟، وكم من مُتْرفٍ يتمنى أن يعيش كالفقراء لِهَمٍّ أصابه؟ 


المنصف وحده الذي يقر بالصواب، فأيهما أفضل أن ننام فوق الحصير ونصحوا بعافية؟، أم نرقد فوق الوثير ولا تطرف عيوننا بالنوم من شدة الإعياء والألم؟، الصحة خير من المال، السلامة أفضل من الدينار والدرهم، صدقوا معاشر القرّاء نحن بخير، وهناك من يتمنى المقايضة معنا أن نأخذ كامل ثروته ويخذ منا نعمة واحدة فقط وهي نعمة البصر.  



الخميس، 16 يونيو 2022

لا تذبحوا الإوزة !!

 



الآن تواجهني مشكلة مستعصية، ولكوني عجزت عن حلها قررت أن أدعها وأن أحمل القلم لأكتب شيئًا مفيدًا، ربما أعود فيما بعد لحل مشكلتي، لا تذبحوا الإوزة، هي الحكمة التي استخلصها من قصة ذلك الأحمق الذي كان يجني البيض الذهبي كل يوم من إوزته، لكن الطمع قاده لحمل السكين ليفري أوداج الإوزة المسكينة، وبالفعل فعل وبالفعل قتل الإوزة ولم يجنِ الذهب، هذا ما نفعله مع أبنائنا، نطمع منهم أن يقدموا لنا سلة الذهب دفعة واحدة فنقتلهم كما قتل الأحمق إوزته، كلنا نعاني من تربية الأبناء، لكن الحقيقة المرة هي أن الأبناء هم من يعانون منا لكوننا لا نحسن التربية، فالآباء لا يفكرون إلا في النتائج والسطو على البيض الذهبي!


لا تسخطوا مني معاشر الأمهات والآباء، فلقد قررت اليوم أن أنصف الأبناء من أمهاتهم وآبائهم، دعونا نعود لأيام طفولتنا للحظة، هل نقبل أن يصرخ الآباء والأمهات في وجوهنا؟، فلماذا نصرخ؟، هل نقبل للكبار بإخافتنا بحمل العصا وضربنا؟، فلماذا نرهب ونضرب؟، المسألة بسيطة هي أن المشكلة فينا نحن الآباء والمربون، ببداهة نحن لا نحسن التربية، فلماذا لا نعترف بالتقصير؟، بالنيابة عن كل طفل وطفلة، أقول: أيها المربون لا تحملوا العصا، أيها الآباء والأمهات أوقفوا الصراخ في البيوت، أيها المربون تعلموا فنون التربية، فنحن جواهر وأنتم الحدادون!


لماذا نستعجل قطف الثمر قبل النضج؟، لماذا نعشق أكل الحصرم؟، الفراشة لا تكون فراشة إلا بعد مخاض؛ فلماذا نبيد اليرقات؟، أضحكني أحد الزملاء حينما اخبرنا أنه استخدم مبيدًا حشريًّا لجسمه بعد الإستحمام ظانًا منه أنه مزيل عرق، كيف حدث ذلك؟، لتشابه العبوتين، إنه الخطأ المغفور له حينما يرتكبه الكبار، فلماذا لا نشفق على الصغار حينما يخطئون؟، لماذا نحلم باستلام قرطاس البيض في كبسة زر؟، إننا لا نجد إلا أمعاء خاوية حينما نذبح الإوزة، والسليم أن نرعى الإوزة البياضة بدلًا من سلخها، فلماذا نسلخ الأبناء لمجرد خطأ؟، ألم نخطأ في إغلاق أزرار أقمصتنا؟!، ألم نخطأ في التفتيش عن مفاتيح السيارة وهي في أيدينا؟!، ألم نخطأ؟!، ثم نضج بالضحك بصوت عال، بينما لا نضحك ولا نبتسم حينما يخطأ الصغار، لماذا نرسم فوق جباهنا رقم (ألف ومائة وأحد عشر) ونمعن في التقطيب؟، لماذا 

نكيل بمكيالين؟، هناك نضحك مِلْء الأفواه وهنا نزبد ونرعد، لا تذبحوا الإوزة، ولنقنع ببيضة الذهب، فلربما حقق الأبناء ما لم يحققه الآباء حينما نلقي السكين جانبًا، والتجربة خير برهان. 

الأحد، 12 يونيو 2022

بدائع الشعراء

 



كتاب بدائع الشعراء
إصدار أدبي فاخر 

يفاجئ الكاتب والأديب السعودي عبدالعزيز آل زايد الشعراء ومحبي الأدب بمطبوعة أدبية أنيقة فاخرة، أطلق عليها اسم (( بدائع الشعراء ))، هذا الكتاب من إصدارات دار أروقة للدراسات والنشر، وهي دار نشر أردنية، تتخذ من عَمّان مقرًا لها. في استهلالة الكتاب يصرح الأديب آل زايد بتهيامه للشعر وهيامه لقوافل القصيد بقوله: "عشقت الشعر وطربت لإلحانه منذ البواكير، وكنت أتمايل على إيقاعاته منذ الصغر، حتى حفظت بعضًا مما لامس الفؤاد، وسحر العيون والمقل، وعكفت على التلاحين دهرًا وترنمت بأعذب الأشعار". 

في هذا الكتاب يسرد المؤلف آل زايد سير أبرز الشعراء العمالقة منذ العصر الجاهلي حتى العصر الحديث، بشكل مقتضب ومقنن، تزين كل ترجمة حليّة رائقة من عيون الشعر، الكتاب موسوعة مصغرة لسير أهم الشعراء وبعضًا مما أنتجوه، انتخب الكاتب لها (٧٥) شاعرًا، يقع الكتاب في (٦) أبواب.

يقول المؤلف في مقدمة كتابه بدائع الشعراء: "وما يهمني أن أرتحل مطاي هذه الصفحات وأدوّن سطورًا تروق، من خلال حقبة زمنية رتلت فيها وحي الجنّ، فالشعر ليس ديوان العرب وحسب، بل هو ديوان الأرواح وما تختزنه العقول من حكم وتجارب وأحلام". كتاب بدائع الشعراء .. رحلة علميّة وأدبيّة ماتعة للمجذوبين للشعر والممسوسين بألحان القوافي، كتاب يجمع أروع ما أنشده الشعراء من بديع القصائد والألحان، ثراء علمي وإيقاع أدبي لطيف يشد القارئ للصفحة الأخيرة. 

جاء في ظهر الغلاف: 
"في هذه الرقاق نحتلب بعض الروائع، التي تستحق الدراسة والتأمل والاقتفاء، لتلمس مكامن الإبداع فيها، وإنه لا بُدّ للشاعر من زادٍ يتزود به، وفي طيات هذه الصفحات قبسات من جميل ما كتب، وليس من السهل بلوغ ذرى القمة إلا بتعقب آثار الماضين والسابقين إلى المناجم، حتى لا يُبْتَدأ من القاع؛ وقد بلغ القوم القمة، ورقوا مراقٍ تستحق النظر".

من اقتباسات الكتاب: 
"إنّ هذا الكتاب لمحة خاطفة في زمن العجلة والإسراع، لعل شاعرًا من هؤلاء يقفز فوق الجماجم فيغري القراء، أو لعلّ بيتًا من الشعر ينبه القلوب بضرورة الإلمام، فتتحرك دوائر الاهتمام".

التعريف بالمؤلف :
عبدالعزيز حسن آل زايد، كاتب وروائي سعودي، من مواليد مدينة الدمام في عام 1979م، حاصل على (جائزة الإبداع) في يوليو 2020م، من مؤسسة ناجي نعمان العالميّة في بيروت في دورتها الـ18، بروايته (الأمل الأبيض)، آل زايد يحمل درجة البكالوريوس من جامعة الملك فيصل، والدبلوم العالي من جامعة الإمام عبد الرحمن بن فيصل. روائي مهتم بالسّرديات التاريخيّة التخيليّة، ومؤلف شغوف بالكتابة، وهو يمارس مهنة التعليم في المنطقة الشرقية بالمملكة العربية السعودية، له الكثير من الكتابات على الصحف والمجلات الإلكترونية ومواقع الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي المتنوعة.

نبذة مختصرة عن دار أروقة:-
مؤسسة علمية رائدة في نشر أسفار الأدب والتاريخ والتراث وشتى ضروب الثقافة الأصيلة.

عنوان الدار:-
حي المدينة الرياضية - خلف المختار مول - مقابل نادي خريجي الجامعة الأردنية - شارع كامل عريقات - عمارة رقم 34 - الطابق الأول, عمان، الأردن.


#دار_أروقة
#بدائع_الشعراء
#عبدالعزيز_آل_زايد
#إصدارات_دار_أروقة
#اقتباسات_دار_أروقة

الأربعاء، 8 يونيو 2022

لحن الوجود

 


(وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ 

وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا)


(( لحن الوجود ))

كتاب قصصي في حق الأمهات 


تتوالى إبداعات الأديب والقاص السعودي آل زايد، ليقدم ثاني إصداراته القصصية، منتخبًا لها محورًا في غاية الأهمية حول حقوق الأمهات، كتاب:


لحن الوجود 

قصص متخيلة عن الأم


(١٨) ثمانية عشر قصة قصيرة متخيلة في حق الأمهات يهديها الأديب آل زايد

إلى أمه الراحلة العزيزة على قلبه، 

فيقول في إهدائه الشفيف النابض 

بالوجد: "أُمِّيْ إليكِ  أقدم الإهداء"،

 طبعة فاخرة مشفوعة بالصور من إصدارات دار أروقة للدراسات والنشر، قصص تربوية اجتماعية تحكي جهود الأمهات ومعاناتهن في الحياة، تتناول مفردة البر، بطريقة ذكية مبطنة، لإيصال ما تكتويه الأمهات من أجل فلذات أكبادهن، قصص متخيلة تلامس واقع الأُسَر، وتقلابات الزمان على أفئدة الأمهات.


اقتباسات من الكتاب:-

"أجمل شيء في حياتي هو وجود أمي، أعرف أن العالم لا يدرك مدى قيمتها عندي، ولكني أعرف أن الآخرين سيفهمون قيمتها حين ينظرون إلى الأمور من خلال عيوني"، قالها هيثم في سره وهو يطوي ألبومات الصور التي لا يزال يحتفظ بها منذ أيام طفولته. وذات مرة من المرات رأى شرود أمه، ورأى القلق في عيونها حين اقتربت ليلة زفافه فقال هيثم في عمق أسراره: "فيما تفكر هذه الأم الحبيبة؟"، تساءل ثم أعقب في خلجاته: "أعلم أنها في غاية السعادة لأجلي، ولكني أرى في قلبها وعيونها حزنًا وألمًا لا يدركه غيري!!، فمما قلقها، وعلى ما تحزن؟"، بعد ترو وتمحيص عرف هيثم أو هكذا قاده تفكيره: "إنها تحبني، وأنا ابنها الأثير، ولا ريب أنها ستحن إليّ بعد زواجي"، قالها وهو يعتزم أمرًا في طيات نفسه.


التعريف بالمؤلف :

عبدالعزيز حسن آل زايد، كاتب وروائي سعودي، من مواليد مدينة الدمام في عام 1979م، حاصل على (جائزة الإبداع) في يوليو 2020م، من مؤسسة ناجي نعمان العالميّة في بيروت في دورتها الـ18، بروايته (الأمل الأبيض)، آل زايد يحمل درجة البكالوريوس من جامعة الملك فيصل، والدبلوم العالي من جامعة الإمام عبد الرحمن بن فيصل. روائي مهتم بالسّرديات التاريخيّة التخيليّة، ومؤلف شغوف بالكتابة، وهو يمارس مهنة التعليم في المنطقة الشرقية بالمملكة العربية السعودية، له الكثير من الكتابات على الصحف والمجلات الإلكترونية ومواقع الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي المتنوعة.


نبذة مختصرة عن دار أروقة:-

مؤسسة علمية رائدة في نشر أسفار الأدب والتاريخ والتراث وشتى ضروب الثقافة الأصيلة.


عنوان الدار:-

حي المدينة الرياضية - خلف المختار مول - مقابل نادي خريجي الجامعة الأردنية - شارع كامل عريقات - عمارة رقم 34 - الطابق الأول, عمان، الأردن.


#دار_أروقة

#لحن_الوجود

#عبدالعزيز_آل_زايد

#إصدارات_دار_أروقة

#اقتباسات_دار_أروقة

الثلاثاء، 7 يونيو 2022

الإنتاجات الكتابية بين الفردانية والجمعية



سبق لي المشاركة الكتابية في ثلاث كتب قبل أن أسلك طريق التأليف الفردي، وحتى نصل إلى أمر ذي قيمة يجدر بنا المصارحة لبلوغ الأهداف، ولنبدأ بهذا السؤال العفوي: "لماذا يفكر بعض الكتّاب في حصد الجوائز وكسب الشهادات والألقاب؟"، لا نتحدث عن الكتّاب المعاصرين فقط، فهناك من يطمح لكسب لقب (أمير الشعراء)، بعد شوقي، وهناك من يرنو لخطف جائزة البوكر بعد الفائزين المعاصرين، لا نرى في مثل هذه الأمنيات عيبًا، ولكن نطرح بشفافية لنناقش الأولويات، أيهما أكثر نفعًا الإنشغال بكسب ما يعود للنفس وحسب؟، أم ينبغي التركيز على ما ينفع الناس؟، نطرح هذا السؤال الهام لكون المسيرة ستختلف والعطاء سيتغير، قد يقول قال: "لنربح الثمرتين"، وهو رأي صائب لو نظرنا له من منظور أولي، إلا أنّ الوقت لا يكفي دائمًا لقطف الثمرتين لاسيما إذا تناكر المذهبان، ونقول بهذا القول، لأن المكاسب الذاتية تتعارض في كثير من الأحيان مع المكاسب الجمعية، ليست النظرة ماركسية شيوعية بقدر ما أنّ النفوس تمر وتمضي عن هذه الحياة وتترك الأثر قبل الرحيل.

فلماذا لا نسلط الضوء على طبيعة نوع الإنتاج؟، الكاتب قد لا يدرك ما ينبغي إدراكه أو أين ينبغي له أن يضع قلمه فيه ويصرف وقته لأجله، لهذا يتخاصم القرّاء والكتّاب على طبيعة ما تم انتاجه، فما الذي يجدر الاهتمام به بعيدًا عن الأدلجات والأطر الضيقة؟، أتلمس روعة أقلام بعض الكتّاب، وأشير لبعض الأصدقاء بضرورة كتابة كتاب ما لكونهم سيقدمون الجميل فيه، وأنا شخصيًّا تلقيت الكثير من العروض المقترحة لأكتبها على شكل كتاب أو رواية، البعض لا يقبل الإملاءات الخارجية وقد يراها استنقاصًا من قدره أو تطفلًا على شؤونه، لا أظن أن النرجسية هنا صائبة، بل من المهم التشاور، فالكاتب مكسب حضاري لأمته وللعالم بأسره وليس له كفرد، وقد تلمسنا بوادر إشراك بعض الكتّاب لجمهورهم فيما يكتبون أو ينوون كتابته، على الرغم من ريادة الفكرة إلا أنّ لها مكاسب وعليها عيوب وقد يشوبها ما يشوبها، فليس كل من يشير يصيب كبد الحقيقة، بمعنى أنّ هناك غث وسمين، ونحتاج لغربال أفكار، والأجمل أن تتكون مؤسسات كتابية تعاونية مختصة ترشد الانتاج الكتابي، ولو في بعض أقسامه، لماذا لا نرى الكتب المشتركة العربية على سبيل المثال؟، أغلب الإنتاجات العربية فردية التأليف وهذا يعكس حالة من القطيعة وعدم الثقة التامة بين الكتّاب، بينما في الغرب نرى أنّ هناك العديد من الكتب القيمة والنافعة والمؤلف فيها طاقم طويل من الكتّاب والباحثين، أظن أنّ هناك مشكلة ما تمنع من تقديم النافع المشترك على الانتاج الفردي لدى المثقفين العرب بشكل عام. 

هناك مشاريع كتابية قيمة وضخمة لا يحتمل انتاجها مؤلف يتيم، ولا تتم إلا بتكاتف الأكف، بالفعل ظهرت نماذج مشرفة، منها: "الموسوعة العربية العالمية"، التي وقعت في 30 جزءً، أظن أنه من الصعب انتاج موسوعات من انتاج أفراد، نقول من الصعب وليس من المستحيل لكون المسيري وابن منظور وسواهما حققوا روائع في هذا المجال، فهل سنشكل لجان تقوم على مثل هذه الانتاجات القيمة؟، لا نتحدث عن انتاج موسوعات فقط، بل عن انتاجات كتابية رصينة ومتقنة في شتى الميادين والمجالات، مثل هذا الحديث يقودنا لضرورة تكوين مجاميع فكرية وثقافية، هدفها تغليب ما هو لصالح البشرية ويستحق البقاء والخلود، على ما هو آني وفردي ويزول بزوال أصحابه. 


الخميس، 2 يونيو 2022

ثقافة مجانية لكل بيت


الثقافة ليست للمبصرين وحدهم، الثقافة ليست للأغنياء فقط، الثقافة للجميع، الثقافة في حياتنا كالملح للطعام وكالهواء للرئتين، فأين دور المثقفين؟، والمروجين للكتب؟، في العصور الماضية كانت حلقات العلم مفتوحة الأبواب مشرعة، تفسح أطواقها لتحتضن الجميع وبالمجان، لا للطبقية ولا للعنصرية ولا لثقافات الإقطاع، لم تكن النزعة حينها إشتراكية ماركسية بقدر ما كانت نية صادقة وحراك إنساني لرفع راية التثقيف للكل، فما هو دور المثقف أمام العزوف الثقافي؟

قد يعترض القائل بقوله: "لنثبت العرش  قبل النقش"، منكرًا العزوف برمته، لكننا نقول غير متشائمين بالطبع، باحثين عن لغة الأرقام: "كم عدد الكتب التي يقرأها الفرد في المتوسط للدول العربية؟"، إذا أخذنا بنتائج مؤشر القراءة العربي للدكتور هاني تركي، فإن نصيب الدول العربية فقط 16 كتابًا في المتوسط في السنة الواحدة، فكم عدد القراء في المجتمعات؟، ولماذا العزوف؟ 

لا ريب أنّ الفقر أحد المسببات، فرغيف الخبز أولى من شراء كتاب، فمن أين ستحصل الأسر على الكتب والجوع ضارب في العمق جذوره؟، هل نعلم أن هناك الكثير من الأسر لا تحتوي على كتاب واحد فضلًا عن وجود مكتبة؟، فكيف سننعش الثقافة أمام هذا القحط؟، كنت أقول: "لايعدم ذو الفكر سوق الحيلة، فكيف إذا تلاحمت الأدمغة ورامت البلوغ؟"، لا ريب أنها ستمد القناطر وتضرب للغايات الجسور. وقبل ذلك نتساءل لنضع اليد على الجراح: هل فكر رب الأسرة المتمكن أن يُأثث مكتبة في بيته بإزاء الثلاجة؟، هل يهتم ذو الثراء بطعام العقل كما يهتم بطعام البطن؟، إنها الغفلة التي يجب أن نصعقها بصاعق الإلفات، إلا أنّ المرارة التي لا لبس فيها أن الكثير من الدول العربية لا تمتلك مقومات الحياة، فكيف نسهل لها امتلاك الكتاب؟ 

لا تخلوا مجتمعاتنا من مؤسسات تتبنى التثقيف غير المشروط، التثقيف المفتوح المصدر دون مقابل، التثقيف الذي ينعش الأجيال ويغير الأحوال، إن الدرهم الأبيض حين يصرف لدعم هذه الأبواب سيرسل على اليباب السحاب، أليس أول الغيث قطرة؟، فلماذا نستحي من إعطاء القليل والحرمان أقل؟، لا ريب أن في مجتمعاتنا مجاميع مشتتة تعشق هذا الهم، وتتمنى تآزر الأكف للطرق على إتاحة الكتاب مجانًا أو بمبلغ زهيد ولو في بعض المواسم، هل فكرنا بالدعم أو التأييد؟

وفي بارقة الختام نتساءل: لماذا لا تجتمع النفوذ لتشكل قوارب الإنقاذ؟، لن نتشاءم فهناك ثمة ضوء، لن نيأس فهناك خلف النفق ضياء، ووراء الليل صبح يقتحم الغسق. في الآونة الأخيرة انتشر الكتاب المجاني على الشبكات العنكبوتية، سواءً الإلكتروني أو الصوتي، وهي فكرة روجت للثقافة ودعمت تثقيف شرائح شبابية كبيرة، حتى أنّ عدد المتابعين قفز في شهر واحد لعشرات الآلاف من القرّاء، في بعض القنوات المجانية، إنه مؤشر  إيجابي يعكس رغبة ملحة لمزاولة القراءة والنهل من الثقافة مفتوحة المصدر. نعم نعلم أن سوق الورق مرتفع، وقد يصعب تسهيل المتن الورقي كما نأمل، إلا أنّ السبيل الإلكتروني سيحرج المطابع ويغير أفق المعادلات، فالثقافة ليست مرهونة بالأوراق، إنما بإرادة شعب يرغب في كسر القيد ليعتنق الثقافة والحياة.