يقولون لي: "كل عام وأنت بخير"، فما عساي أن أقول؟، والأحزان تلو الأحزان، والآهات تتلو الآهات، يقولون لي: "كل عام وأنت بخير"، وكل عام يأتي بما هو أصعب، كل عام يأتي.. يأتي معه بأصناف البلاء، بألوان متعددة كألوان الفسيفساء، كم هي الامتحانات التي نخفق في أكثرها؟، ونسقط في معظمها، ولا نظفر إلا في اليسير اليسير منها، حتى هذا اليسير الذي نظن أنّه بمجهودنا ونتفاخر به، لم يكن منطلق الأساس نجاحنا، لكننا نشمخ بالأرانب خيلاءً، وكأنّ التوفيق حريرة دودة قز نَسْجُهَا من علم عندنا، وكأنّه لا دخل للسماء في بوادر التوافقات والتوفيقات. ما طعم الحياة لمن فقد فيها أمًا وتلا في فقده أب، لا طعم لتلك السعادة، فهي مشوبة كدرة عكرة، فهل نحظى من هذه الديار بالزلال؟
مَرّ عام جديد يا أمي ولا تزال الآلام هي الآلام، مَرّ عام جديد يا أمي ولا تزال الجراح تنكأ الجراح، "ليت شعري، أ للشقاء ولدتني أمي، أم للعناء ربتني؟!"، ليت شعري، إلى متى نعاني الأمرين في دروب الحياة؟، عام بطعم القهوة يا أم، هل لي بطرح ما كتمت: لماذا ينحبس عنا الراحل؟، ولا نرى منهم إلا غبار الشواهد، لماذا تضيق المضائق على سعة البحور؟، لماذا يقتر بالشمع من سكن النهار؟، هل نتلوا آيات الصبر؟ أم نتزر بالتسليم والرضا؟، إننا نحتاج أن نرى الأمور بعدسات مختلفة، بحيث لا نرى إلا جمال صنع الصانع، وجمال قدر المقدر، حينها فقط ستكون للحياة طعم ومذاق مختلف.
بمناسبة يوم الميلاد
عبدالعزيز آل زايد
22 أكتوبر 2023
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق