السبت، 24 فبراير 2024
الفقر في مختبر الكيمياء
الأربعاء، 21 فبراير 2024
الكاتب بين الجمهور والعزلة
هل يحتاج الكاتب للجمهور؟، أم يحتاج للعزلة؟، في تقديري أنّ كلّ إنسان يحتاج لشقيقه الإنسان بالغ ما بلغ، حتى وإن كان يسير على طريق الجادة؛ يحتاج لمن يقول له: "استمر فأنت على الطريق الصحيح"، ولا يعني أنّ على الكاتب السير وفق ما يطلبه القرّاء والجمهور دائمًا، بل عليه أن ينزوي وينعزل لينتج للناس ما يخدمهم ويفيدهم، وقطعًا ليس هذا الإنسحاب غرورًا ولا تكبرًا، كما قد يتوهم البعض، وفي هذا الصدد أتذكر الكاتب المصري البارز (توفيق الحكيم)، وأتذكر كتابه الظريف اللطيف والقيم الذي اسماه "من البرج العاجي"، في هذا الكتاب يصف فيه الحكيم مكتبه وخندق كتابته، أما كلمة "البرج العاجي"فهي وصف تلقاه الحكيم من البعض تهكمًا ونعتًا له بالترفع، هذا العنوان يحمل بين طياته طرافة أسلوبية، حيث ينصاع الحكيم ويتقبل الوصف الذي يرجمه به الغريم، ها هو ذا الحكيم يكتب من ذلك البرج الشاهق ليمطر على الصفحات وابل حكمه وخلاصة تجاربه، الحكيم في هذا البرج المصفح من العاج ينزوي في عزلة منفردة ليدون هذا الكتاب الذي يعد واحد من أجلى روائعه الكتابية، تروق هذه الصفحات التي سطرها للكتّاب لكونه يحاكي دواخلهم ومعاناتهم، الكتاب مجموعة مقالات وخواطر فكرية، علقت على هذا الكتاب في مراجعة قصيرة بعد الإنتهاء منه وقلت فيما قلت فيها: "البرج العاجي هي الخلوة الاختيارية التي يختارها الكاتب ليصنع كتابه للقراء، ليس الأمر ترفعًا، إنما هي مرحلة لابد منها للعطاء، فكيف نأكل العسل دون أن تمارس النحلة دورها؟"، وأقول في مراجعة الكتاب: "الخلية للنحلة، والبرج العاجي خلية العطاء للأديب"، وأقول: "ولولا ذلك البرج العاجي لما خرج هذا الكتاب".
كل كاتب يحتاج للخلوة مع نفسه من أجل الإنتاج والإنارة، لهذا يحاصره الوقت ولا يستطيع تلبية رغبة الجمهور في الرد على كل التساؤلات والتحايا التي لا تنتهي، الكاتب المعطاء لا ينسحب عن الأضواء إلا ليقدم المزيد للآخرين، كالسهم الذي ينكفئ للوراء لينطلق، وكالليث الذي يلاصق التراب ليقفز ويفترس، فلماذا لا نفسح للمؤلف أن يمارس عزلته الإنتاجية؟، للأسف هناك من المبدعين من أوقاتهم ضائعة لكسب لقمة العيش، وهنا أقول كلمتي الصادقة للحكومات: "افسحوا للمبدع أن يرفع من مكانة بلاده بتفريغه للإبداع"، نرفع القبعة لكافور وسيف الدولة لما بذلاه من رفع مستوى الشعر العربي بمآزرتهما للمتنبي، فكم من متنبي بيننا ضائع يبحث عن لقمة العيش؟، وكافور هذا الزمان لا يعلم عن حال شعرائه والعمالقة المسحوقين في هذا العصر.
البلد الذي يقدر المبدع سيعود الإبداع والخير عليه وإليه، وكذلك الجمهور الذي ارتفع منسوب وعيه اليوم، عليه بمطالبة الحكومات والدول وأصحاب الشأن بتفريغ الموهوبين وأصحاب العطاء، للأسف أعرف أن الكثير من المبدعين يغرقون في أعمالهم المعيشية، فلا نرى لهم نتاجًا إلا النزر، لهذا يحتاج الكاتب لجمهوره لا ليقرأ ما ينتج فحسب، بل ليساهم في اكمال مسيرة الإنتاج بالدعم والتشجيع وأن يصدع بالكلمة الصادقة التي هي أثمن من كل مال.
الأحد، 18 فبراير 2024
ابتسم هناك أمل
مع تراكم الأيام الصّعبة لايزال القراء ينهلون من صفحات الكتب، المؤلفون يغرفون المداد من محابرهم ويبدعون، المثاقفة لا تتوقف رغم اللّيل الحالك.
أيها العالم أوقدوا شموع الأمل، فرغم المعاناة هناك إرادة، هناك عزم، لمن جرفته الآلام تأمل للشّمس كيف أشرقت بعد غياب؟، تأمل للضّياء زارنا بعد حلكة اللّيل، الدّنيا تشرق بالتّفاؤل، وتقول: (إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا)، فلماذا نبتئس وحياتنا كلّها غارقة بالسّعادة رغم المحن؟!
كن مبادرًا وغرس فسائل الرّاحة في قلوب الآخرين، لا تفكر فيما مضى، ولا تتشاءم بما سيأتي، وتأمل راحة البال التّي أنت فيها الآن، يقول صفي الدين الحلي:
كن عن همومك معرضا ...
وكل الأمور إلى القضا
وابشر بخير عاجل ...
تنسى به ما قد مضى
فلرب أمر مسخطٍ ...
لك فى عواقبه رضا
ولربما اتسع المضيق ...
ولربما ضاق الفضا
الله يفعل ما يشاء ...
فلا تكن معترضا
الله عودك الجميل ...
فقس على ما قد مضى
بالفعل، فكم من معضلة انجلت؟، وكم من مشكلة حلّت؟، هناك غيث من رحمات سيسقينا، فليس بعد الصّبر إلا الفرج، هكذا أخبرتنا الأيام، فالبشارة هي أنّك ستكون سعيدًا عما قريب، فلماذا لا تبتسم؟، ابتسم فأنت لا تزال على طريق الرّحمات، والسّماء تعدك بالمزيد.
الخميس، 15 فبراير 2024
احيلوا القحط ربيعًا
ينكمش الإنسان أحيانًا وتصيبه حالة القحط، تتعب النفس، يكل الجسد، تتهاوى الروح، ويعيش حالة الاحباط، الاحباط من كل شيء، ونحو أي شيء،
فمتى يشرق الأمل وتنبت سنابل القمح؟، النفس تمر بفصول، كفصول السنة، فمتى يأتي الربيع وتزدهر الأحلام والأمنيات؟
الحنطة التي تسيد بها يوسف (عليه السلام)، لم يكن لها ذلك الثمن لولا (القحط)، فالقحط الذي نغرق فيه ونتشائم منه، قد يكون عتبة للصعود والتحليق، حين نتحرك بذكاء يوسف، فلماذا لا نجيّر العقبات لصالحنا ونتخذها موانئ ومنطلقات؟!
موسم القحط سيأتي وعليه نحتاج لمخازن نختزن فيها حبيبات القمح التي ستكون حنطة كالذهب، المطلوب هو أن ندخر ما لدينا لموسم الكساد، حينها سيكون القحط لنا عيدًا ومن خيرة المواسم، الفكرة ببساطة هي أن نتعلم من النملة الصغيرة تخزين القوت، والهناء به في موسم الشتاء، حينها لن نعيش القحط إلا كما عاشه يوسف الذي تسيد وظفر بما يريد بعد أن حرك أحجار عقله وانتصر.