الثلاثاء، 9 يوليو 2019

قياس المعنويات .. البرهان على قضاء الحاجات



في مقال سابق تم نشره : (الخوارق المعنوية، الطريق الأسرع لقضاء الحاجات)، كثر التعليق حوله، وهنا أضع تعليق أحدهم : (البركة تجعل طعام الواحد يكفي لاثنين، وما ينجز في ساعات ينجز في ساعة واحدة، والمريض الذي عجز عنه الطب يشفى في غمضة عين، هذا مشاهد ولكن من الصعب إقناع الآخرين عن أسباب تحققها )..

السؤال : هل تقاس المعنويات أم لا تقاس؟!، نقول : ليس سهلاً أقناع الآخرين بالأسباب، فالمؤمن يعتقد أن السر خلف تحقق الأمر الاعجازي هو تلك المعنويات، بمعنى أنه يتكهن ويربط، وربما تحقق هذا الاعجاز ليس بما أشار إليه من معنويات، ربما لأمر آخر، أو معنويات أخرى لم يشر إليها ولم تخطر في باله أصلاً.

قيل أن التجربة خير برهان، فهل يستطيع المؤمن أن يثبت الربط بين تلك المعنويات وتحقق المعجزات؟!، بالأمثلة تتضح المطالب، فلنأخذ نموذجاً للتوضيح وهي : قصة وكيع معلم الشافعي والشافعي نفسه، حيث قيد الحادثة في شعر شهير :
شكوت إلى وكيع سوء حفظي .. فارشدني إلى ترك المعاصي
وأخبرني بأن العلم نور .. ونور الله لا يهدى لعاصي

لنحلل الحادثة : المعنويات هي : (ترك المعصية)، والنتيجة القابلة للقياس هي : (حفظ العلم)، قيل أن الشافعي ترك الذنب الذي وقع فيه فرجع حفظه كسابق عهده، على فرض صحة الخبر، هل السبب الوحيد لتدهور حفظه تلك المعصية؟!، أم من المحتمل دخول عوامل أخرى ساهمت في نسيانه؟! 

 كثير من الناس مصابين بداء (النسيان)، وهناك من يعاني، في المقابل هناك معنويات مقترحة لحل هذا النسيان؟!، يذكر بعضهم من ضمن تلك الحلول : الأذكار ، ويستشهدون على ذلك بقولهم : (واذكر ربك إذا نسيت).

 السؤال : في حال تحقق النتيجة، هل هذا الذكر سيكون هو السبب؟!، أم لعل السبب في شيء آخر، مثل : ترك السهر، وعدم الإجهاد، وتناول الطعام الجيد، وغيرها ؟!، هنا تكمن صعوبة القياس للمعنويات، وهو تسلل عوامل أخرى للتجربة، والإنسان من طبعة الإيمان بالمحسوسات والملموسات؟! 

وكما قيل أن الغريق يتمسك بقشة، لهذا يهرع كل صاحب معضلة إلى أي حل متوقع، أحدهم تواجهه معضلة وهي أنه : لم يرزق بالذرية، فلما طلب الحل قيل له الحل في (الاستغفار)، وتلي عليه : ( فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا . يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا . وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ..) .
المشكلة التي تواجه هذه التجربة، أن هناك من يجرب الاستغفار فلايرزق بالولد، ولا يعطى مراده، لهذا يترك البعض الاستغفار ويذهب لحلول أخرى كالعلاج أو ما أشبه ذلك .

لهذا تبقى المعنويات حل ينقصه البرهان والتحقق، حتى في حال تحقق الغرض، سنفتقر لدليل الربط بين المعنويات ونتائجها التي ربما تكن هي نتائج أشياء أخرى .

‏https://www.makalcloud.com/post/cvcmvipvk

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق