السبت، 11 أكتوبر 2025

نصوصٌ تمشي على نور

 



"نصوصٌ تمشي على نور"
إصدارات آل زايد الجديدة

في مشهد ثقافي عربي يزدحم بالإصدارات العابرة، تبرز بعض الأعمال كـ «مرافئ روحية» تهب القارئ لحظات من الصفاء والدلالة. ومن هذا المنطلق، يطل الكاتب السعودي عبدالعزيز آل زايد بأربعة عناوين جديدة تشكل لوحة متكاملة من الرحلة، والتربية، والسيرة، والتأمل، صدرت عن دار صاد للنشر والتوزيع – الجزائر.

هذه الإصدارات ليست مجرد كتب، بل تجارب وجدانية متقنة الصياغة، تسعى إلى أن تلمس القلب قبل العقل، وتعيد للأدب وظيفته الأولى: أن يُنصت الإنسان إلى ذاته.

الحنين إلى مكة
رحلة تأخذك للحج قبل أن تحج
في زمنٍ تسارعت فيه الوتيرة حتى كادت الروح تضيع في الزحام، يقف هذا الكتاب كأيقونة روحانية تعيد ترتيب الصمت في داخل الإنسان. ليس الحنين إلى مكة يوميات حجٍ عابرة، بل خلاصة إحدى عشرة حجة، جمعها الكاتب في مصحف وجداني يقطر خشوعًا، وينسج من تفاصيلها رحلة تفيض بالسكينة.

يرافق المؤلف القارئ من لحظة التهيؤ للسفر حتى لحظة الانكسار أمام الكعبة، يصف الرجفة الأولى، والدمعة الخاشعة، والسكون الذي لا يُترجم بكلمات. السرد هنا لا يكتفي بالوصف، بل يلتقط النبض الروحي للحظة، ويمنح القارئ إحساس الحضور وكأنه يقف هناك بنفسه. يقول المؤلف في بعض صفحاته: «لم يكن هذا الكتاب توثيق عام واحد من الحج، بل مجموعة قطفات، من كل عام نخلة، ومن كل موسم ثمرة… فإذا اجتمعت أثمرت حديقة من الذكريات». هذا الكتاب ليس دليلًا للحج، بل مرآة يُرى فيها الحج كما يُعاش، لا كما يُقال.

أبي لا تضربني
نداء تربوي لإعادة بناء جسور الأسرة، صرخة صغيرة، لكنها تهز جدارًا سميكًا من الصمت. في هذا العمل يضع الكاتب القارئ أمام واحدة من أكثر القضايا التربوية إيلامًا وصدقًا: كيف يسمع الأب ما لا يُقال؟ وكيف يقرأ ملامح الاستغاثة الصامتة في عيون طفله؟ الكتاب موزّع على خمس باقات تربوية، تحتوي على خمسٍ وعشرين قضية عائلية محورية، كُتبت بلغة أدبية وتربوية رقيقة لا تهاجم بل توقظ. يعرض أثر القسوة وغياب الحوار لا بلغة التوبيخ، بل بلسان الطفل نفسه، ذلك الذي يُحب ولا يُفهم. يقول المؤلف في بعض صفحاته: «هل ستكون ذلك العملاق المُهشِّم للأقداح والقوارير؟ أم ستكون صاحب الإبريق الحاني الودود الذي يسكب في الفناجين أرق نسمات ما لذ وطاب؟». هذا الكتاب ليس تنظيرًا تربويًا جافًا، بل جسر بين جيلين، ودعوة رصينة إلى أن تكون التربية احتواءً لا خوفًا.

مرايا البدر
سيرة وجدانية تعكس جمال النبوة. حين تُروى السيرة النبوية بلسان المؤرخين، تبقى معلقة بين السطور، أما حين تُروى بلسان من عايشها قلبًا وقالبًا، فإنها تصبح نورًا حيًّا. في مرايا البدر لا يروي الكاتب سيرة النبي ﷺ بالأسلوب التقليدي، بل يعكس نوره في مرايا القلوب التي أحبته. كل لوحة من هذا الكتاب هي صدى لضياء النبوة كما ظهر في مواقف الصحابة، وارتسم في الوجدان الإنساني. هذا العمل الأدبي والروحي يربط الماضي بالحاضر، فيعيد القارئ إلى تلك اللحظات التي لم يكن فيها محمدٌ ﷺ مجرد نبي، بل معلمًا للحب، وملجأً للقلوب. يقول المؤلف في بعض صفحاته: «يكفي المرآة أن تقف قبالة البدر لينعكس منها ضوء النبي؛ فيشع شهاب قبس يصطلي منه التائه الحيران، ويسترفد منه المكلوم الظمآن». كتاب يوقظ الحنين إلى الأصل، ويعيد السيرة إلى الحياة، كما لو كنت تراها لأول مرة.

لا تذبحوا الإوزة
كبسولات فكرية خفيفة، عميقة الأثر. ليس كل ما يُقال يُقال كثيرًا. أحيانًا، كلمة واحدة توقظ شجرة من المعاني. بهذه الروح جاء كتاب لا تذبحوا الإوزة، وهو مجموعة من المقالات القصيرة التي كُتبت في لحظات صفاء نادرة، تلتقط فيها الروح شيئًا من المعنى الهارب من ضجيج الحياة. الإوزة في عنوان الكتاب استعارة عن الأفكار الخصبة التي تمنح الحياة معناها، والتي علينا رعايتها لا خنقها. لذلك، جاءت هذه النصوص مكثفة كالكبسولات، لكنها تُحدث أثرًا ممتدًا في ذهن القارئ. يقول المؤلف في بعض صفحاته: «تمر على الواحد فينا حالات من الصفاء، ولحظات من الأنس، وقبسات من نور الحكمة… في تلك الحالات النوادر يكون لجرّة الحبر مذاقها الخاصّ، ونكهتها الفريدة». كتاب يليق بالقارئ الذي يطلب الكلمة الصافية لا الضجيج.

نبذة عن المؤلف
عبدالعزيز آل زايد كاتب وروائي سعودي من مواليد الدمام (1979)، يعمل في التعليم، وله أكثر من خمسة عشر إصدارًا أدبيًا تنوّعت بين السرد الروحي، التربية الواعية، المقالة الفكرية، والرواية الرمزية.

نال جائزة الإبداع من مؤسسة ناجي نعمان للثقافة عام 2020، ولقب «سفير الثقافة بالمجان» عام 2022.

يُعرف بأسلوبه الأدبي المتفرّد الذي يجمع بين العذوبة اللغوية والعمق الإنساني، وبقدرته على تحويل الفكرة إلى تجربة وجدانية حقيقية.

«هذه الإصدارات الأربعة ليست كتبًا للقراءة وحسب، بل نوافذ صغيرة تفتح على عوالم أوسع، فيها عبق الروح، ولمسة الأب، ونور البدر، وهمسة الحكمة».

جميع الإصدارات متوفرة عن دار صاد للنشر والتوزيع – الجزائر.

الأربعاء، 1 أكتوبر 2025

خطوتك الأولى نحو النجاح

 



كثيرا ما نعيش وهم البحث عن الكمال؛ ننتظر لحظة سحرية تمنحنا الإذن بالتحرك والانطلاق. هذا الوهم يغذي فينا شعورا عميقا بعدم الكفاية والاستحقاق، ويقودنا إلى مقارنات مستدامة. والحقيقة الجوهرية أن الموارد والقدرات التي نملكها موجودة بالفعل، وأن الوفرة لا تبدأ إلا بالاعتراف بما لدينا والبدء به الآن دون تسويف.

يحكى أن فتاة تدعى مريم حلمت منذ سنوات بإطلاق مشروعها الخاص، لكن شعورها بثقل الانتظار جعلها تؤجل البداية بحجة الحاجة إلى المزيد من المال والخامات. وفي النهاية قررت أن تبدأ بما لديها من قماش بسيط؛ لم تكن حقائبها مثالية، لكنها كانت كافية للانطلاق. وبفضل التجربة والإقبال، استطاعت تطوير مشروعها خطوة فخطوة! فماذا لو لم تنطلق؟

شيء مشابه حدث مع شاب اسمه أحمد، واجه التردد ذاته، وتملكه الخوف من الأخطاء والتعثر. غير أنه قرر المضي رغم ذلك، فبدأ بالكتابة على مدونته الشخصية، وبعد عام واحد فقط أصبح لديه جمهور، وعرض عليه عقد نشر كتابه الأول. لقد أثبتت له هذه الانطلاقة أن الخبرة تأتي تدريجيا بالعمل، وأن الأخطاء محطات طبيعية على طريق الإنجاز.

هذه الدروس لا تقتصر على الأفراد وحسب؛ فأعظم الابتكارات نشأت من ظروف صعبة. كان فهد موظفا في شركة تعاني ضائقة مالية، فاستغل القيود كفرصة للتفكير خارج الصندوق، وأطلق حملة تسويقية مبتكرة أعادت النشاط للشركة بتكلفة شبه معدومة. إن الإبداع ليس حكرا على أصحاب الموارد، بل ثمرة تفكير مغاير.

كثيرون ينشغلون بالعمل الخارجي، وينسون أن النجاح الحقيقي ينبع من الداخل، من الصفات الصامتة التي نملكها. خالد كان رساما يواجه رفضا متكررا، لكنه استمر في الرسم بما يتوافر لديه، غير آبه بذلك الرفض. فماذا حدث؟ وصل خالد إلى مرامه بعدما واصل بمرونة وانضباط. إذًا، ندرك أن هذه الطريقة الجادة والمرنة في التعاطي أصل حقيقي يقود إلى النجاح.

صحيح أن الصفات الداخلية مهمة، لكن احترام البداية الصغيرة أساس لكل إنجاز عظيم. بدأت نورة بخياطة فساتين بسيطة لدميتها، غير أن حبها للتفاصيل ومثابرتها ساعداها على تطوير مهاراتها وفتح الطريق لإطلاق مجموعتها الخاصة لاحقا. عليك أن تدرك أن كل خطوة صغيرة اليوم تبنى عليها النجاحات الكبيرة غدا.

ويحكى أن فتاة تدعى ليلى كانت تحلم بتصوير مشاهد من حياتها اليومية، لكنها كانت تخشى ألا يقدر الآخرون أعمالها. قررت أن تنشر صورة واحدة فقط على حسابها الشخصي؛ لم تتوقع تفاعلا كبيرا، لكن الصورة جذبت متابعين وأصدقاء جددا، وشعرت لأول مرة بقوة البدء رغم الخوف العميق. فهل انتابك مثل هذا الشعور؟ ولماذا لا تفكر في الانطلاق؟

إليك نموذجا آخر.. شاب طموح اسمه سامر أراد تحسين بيئة مكتبه الصغير، لكنه لم يكن يملك ميزانية لذلك التغيير. ومع ذلك بدأ بتنظيم الملفات، وزين أحد الأركان بالورود.

هذه المبادرة الصغيرة رفعت من معنويات الفريق، وأدت العناية بتلك التفاصيل البسيطة إلى تغيير كبير في بيئة العمل. وبعد أشهر قليلة، تحقق له ما كان يرجوه وزيادة.

في النهاية، ما نريد قوله من خلال هذه النماذج الواقعية هو أن التغيير لا ينتظر، وأن الوفرة ليست شيئا نطارده، بل هي حالة ذهنية نبنيها بقراراتنا اليومية وعملنا المستدام. إنها تكمن في الخطوة الأولى التي نتخذها، في الإبداع الذي نولده من رحم العسر، وفي الإيمان بقدراتنا التي لم يرها العالم بعد.

والآن، الخطوة الأولى بين يديك.. إنها فرصتك لتصنع الفرق، أفتتخذها اليوم أم تنتظر إلى غد قد يبخر من رأسك الأحلام؟

الأحد، 21 سبتمبر 2025

الثقافة السعودية في الميزان

 



في كل مسيرة، يشكّل منتصف الطريق لحظة فارقة: فرصة للتأمل، ومجالًا لإعادة التقييم قبل بلوغ الغايات. وفي مسيرة المشهد الثقافي السعودي، يبرز سؤال جوهري: ما الذي تحقق؟ وما الذي تأخر؟ وأين نقف اليوم؟ وما الذي ينبغي فعله لتكتمل الصورة وفق الطموح الثقافي لجيل اليوم وللأجيال القادمة؟

بين ما تحقق وما لم يتحقق، تأتي هذه القراءة الهادئة لمشهد الثقافة السعودية، في منتصف الطريق إلى رؤية 2030، لا للتهليل، ولا للتقريع، بل لفهم الصورة كاملة: أين نحن؟ وماذا نريد أن نكون؟

أولًا: نصف الطريق ونصف الصورة

قبل سنوات قليلة، لم تكن الثقافة في السعودية تمثل قطاعًا فاعلًا في التنمية. الفنون كانت تُمارس في نطاقات ضيقة، والأنشطة الثقافية تقام غالبًا بمبادرات فردية، وسط غياب للإطار المؤسسي. ومع انطلاق رؤية 2030، بدأت الصورة تتبدل، ودخلت الثقافة دائرة الضوء.

لقد أُنشئت هيئات متخصصة، ونُظّمت مهرجانات نوعية، وظهرت فعاليات جديدة في الفضاء العام. أصبح للصوت الثقافي حضور، وللإبداع موقع على الخارطة، ربما لا يزال في طور التشكل، إلا أنّ بعض المنجزات يُعد لافتًا، وبعضها ما زال في طور النمو.

بدأت المملكة اليوم تحجز موقعًا ثقافيًا على المستوى الإقليمي والدولي، لا من باب التقليد، بل من بوابة التجدد والأصالة. ففي مجال التراث، سُجّلت مواقع سعودية في قائمة التراث العالمي لليونسكو، مثل: “حمى الثقافي” و“جدة التاريخية”، وهذا يصب في الذاكرة الجماعية، ويعد تسجيل نقطة. كما بدأ الزي السعودي التقليدي يُوثّق ويُحتفى به، لا كتذكار جامد، بل كهوية حقيقية: تُروى وتُلبس وتُحيا.

كل هذا ليس مجرد مظاهر، بل إشارات عميقة على تحوّل جذري قادم. لكنه، برغم هذا التألق، لا يزال السؤال المثير قائمًا: هل وصل الحراك الثقافي إلى بيتك؟ إلى قريتك الصغيرة؟ إلى ابنك الذي يخط أول قصة في دفتره؟ أم أنه ما يزال، في كثير من الأحيان، حبيس الصالات المغلقة والفعاليات الموسمية والأسوار الرسمية؟ هل تجاوز مركز المدينة إلى أطراف الوطن الواسع، أم لا يزال متقوقعًا في مراكز محددة فقط؟

ثانيًا: ثغرات ينبغي أن تُثار

١- الفعاليات الثقافية لمن؟

الملاحظ أن أغلب الفعاليات الثقافية الكبرى تتركّز في مدينتَي الرياض وجدة. ورغم أهمية هاتين المدينتين، إلا أن بقية المناطق تبدو وكأنها خارج الخريطة وبدون حضور ثقافي. لنسأل: ماذا عن نجران، والجوف، وتبوك، والباحة، وجازان؟ أليست هذه المناطق تملك إرثًا ثقافيًا غنيًا، وإمكانات بشرية ومواهب مبدعة هائلة؟ هل نكتفي بأن تبقى متفرّجة على العرس الثقافي دون أن تشارك في الزفاف الكبير؟

٢- هل يصلك التمويل؟

الجميع يعرف أن حجم الدعم المخصص للثقافة مئات الملايين من الريالات سنويًا، لكن هل يصل هذا الدعم فعليًا إلى الفنان الصغير في أبها، أو الشاعر المبتدئ في قرية نائية؟ أم يظل محصورًا في من يعرف الطرق المختصرة إلى المؤسسات الكبرى؟ المنح والدعم ليست رفاهية، بل رافعة أساسية لاكتشاف المواهب الخفية في هذا الوطن العزيز.

٣- بين التراث والمعاصرة

لا يخفى أن الاحتفاء بالتراث جميل ومهم، غير أنّه لا ينبغي أن يكون هو حجر الأساس الوحيد. إنّ ما نخشاه هو أن يتحول هذا التراث من كونه مصدر إلهام إلى سقف يحدنا ويحاصرنا، فلا نستطيع التحليق.

نعم، هناك ما هو أعمق وأشد تأثيرًا في صُلب الثقافة من التراث وحده، لهذا نتساءل: أين إنتاج المعرفة؟ أين صناعة الكتاب وتعميق اللغة؟ أين تحفيز العقول على التساؤل والتفكير؟ الثقافة لا تُبنى بالاحتفال بالماضي فقط، بل بصناعة الوعي الجديد للأجيال.

٤- التعليم وسوق العمل

الخريجون من الجامعات في كل عام بالمئات من أقسام اللغات، الترجمة، الإعلام، التاريخ، الفلسفة، وعلم الاجتماع… تخصصات تُشكّل العمود الفقري لأي حراك ثقافي ناضج. لكن، بعد التخرج، كثير من هؤلاء لا يجد طريقًا واضحًا. لا برامج تؤهله، ولا فرص تستوعبه، وكأن ما تعلموه لا يجد صداه في الواقع.

والسؤال البسيط: إذا لم تحتضن وزارة الثقافة هذه العقول، فمن يفعل؟ هل يُعقل أن نُخرج أجيالًا تعرف كيف تفكر وتكتب وتترجم، ثم نتركها على الهامش؟ المشاريع الثقافية لا تنهض بالمهرجانات وحدها، بل بمن يكتب لها ويخطط ويقيم أثرها. فهل نرى يومًا هؤلاء الخريجين في قلب المشهد، لا خارجه؟

٥- منصة “أبدع” لماذا لا تُبدع؟

عندما أُطلقت منصة “أبدع” لتسهيل التراخيص للمبادرات والفعاليات الثقافية، بدا الأمر كأنه نقلة منتظرة، تُخرج المبدعين من طوابير الانتظار الورقي إلى بوابة رقمية سريعة وواضحة. اسم المنصة وحده يكفي لإشعال الحماسة.

لكن الملاحظ أن الإجراءات تطول، والموافقات تتأخر حتى تفوت الفرص وتتحطم الآمال. هل المشكلة في التقنية؟ أم في طريقة الإدارة؟ هل نمتلك ثقافة التسهيل أم التعطيل؟ الإبداع لا ينتظر طويلًا، والمبدع إذا طالت به الوقفة، طوى فكرته ومضى. فهل تنطلق المنصة؟ أم تظل منصة “أبدع” لا تُبدع؟

٦- مشاريع تبدأ ثم تُنسى

كثير من المشاريع الثقافية تبدأ باحتفال لافت، وشريط أحمر يُقصّ، وكأن الافتتاح نهاية المطاف، لا بدايته. لكن، أين المتابعة بعد ذلك؟ المتاحف، المراكز، المبادرات المجتمعية بعضها لمع للحظة، ثم خفت. لماذا لا نشاهد خطة استدامة، وجداول متابعة، وقياسًا حقيقيًا للأثر؟

الافتتاح إذا لم يتبعه اكتمال، فهو لم يكتمل أصلًا. وما لم تُزرع الثقافة في الحياة اليومية، ستبقى بعض المشاريع مجرد صور أرشيفية معلقة على جدار الإنجاز… لا أكثر.

٧- الشراكات المجتمعية المغيبة

هل الثقافة مسؤولية جهة محددة؟ أم مسؤولية الجميع؟ لهذا جرى الحديث عن الشراكات، باعتبار أن الثقافة لا تُدار من فوق فقط، بل تنبت من التربة، كحقل الزهور.

كثير من الجهود المجتمعية تُقصى بهدوء، أو تُعامل وكأنها عشوائية، في حين أنها الأقرب للناس، والأصدق تعبيرًا عن نبضهم. إن دور المراكز الثقافية ليس اقتلاع البذور واستبدالها، بل رعايتها حتى تنمو. فإذا لم تتسع الدائرة لتشمل الجميع، ستبقى الثقافة مشهدًا فوقيًّا، بعيدًا عن واقع الحياة.

٨- أين أدوات القياس؟

ما معيار النجاح الثقافي لدينا؟ عدد الفعاليات؟ عدد الحضور؟ قد تبعث الأرقام على الرضا، لكنها لا تكشف الصورة الكاملة. التأثير الثقافي لا يُقاس بالكاميرات وعدد المقاعد المشغولة فقط.

بل بالوعي المتغير، والإقبال على الكتاب، وتأثير الفعاليات في الذائقة والسلوك. نحتاج إلى أدوات تقيس ما لا يُرى بالأرقام فقط، أدوات تكشف العمق لا القشرة. فالثقافة التي لا تغيّر الناس، لا تغيّر شيئًا.

ثالثًا: من “المركز” إلى “العمق”

الحل لا يكون بمزيد من الميزانيات فقط، بل بإرادة طموحة، واستماع فعلي، وقرارات تنطلق من الميدان لا من المكاتب. فماذا لو:
 • خُصص جزء أكبر من الدعم للمحافظات الصغيرة لمشاريع دائمة لا موسمية؟
 • فُتحت بوابات الدعم للمبدعين الأفراد والجمعيات الصغيرة، لا فقط للمؤسسات الكبرى؟
 • سُرّعت التراخيص، وقُلّصت العقبات، لتكون الثقافة فعلًا مساحة حرة للإبداع؟
 • جُدّدت المناهج الثقافية لتشمل الإبداع السعودي المعاصر، لا التراث فقط؟

ختام: الثقافة فعالية أم حياة؟

الثقافة ليست حفلًا صاخبًا، ولا بيانًا صحفيًا، ولا مهرجانًا يُنسى بعد أيام. الثقافة هي الحكاية التي ترويها جدة لأحفادها، هي القصيدة التي تُكتب في زقاق بالهفوف، هي اللوحة التي تُرسم على جدار في أبها، هي جلسة شعر في سكاكا، هي لقاء يجمع جيلين في ديوانية صغيرة.

الثقافة ليست للخواص، بل للجميع. وإن لم تصل إلى الناس ووجدانهم وأبنائهم، فهي لم تبدأ بعد. ولهذا، فالتحول الثقافي الذي نرجوه لا يُقاس بعدد الفعاليات، بل بنوع التأثير. لا بـ “كم المشاريع”، بل بـ “كيف تُغيّر المجتمع”. الثقافة التي لا تُلامس كل بيت، لا تزال في منتصف الطريق. ولحسن الحظ، لا يزال أمامنا وقت لإحداث التغيير.فهل وصلت الثقافة إلى حيث تسكن؟ هل طرقت باب بيتك؟ إن لم تفعل بعد… فهذه فرصتنا لنُغيّر الواقع نحو الأفضل.

الجمعة، 15 أغسطس 2025

كتاب لا تذبحوا الإوزة

 



كتاب لا تذبحوا الإوزة، في هذا العمل يجمع الأديب السعودي عبدالعزيز آل زايد طائفة من المقالات القصيرة، المنتقاة بعناية من محبرة أيامه وأزمنة تأملاته. يشير العنوان المغاير إلى رمزية دفينة، كأن الكاتب يناشد القارئ ألّا يعجّل بوأد لحظات الإلهام قبل أن تضع بيضتها الذهبية، ولا يقتل فكرة في مهدها قبل أن تبسط جناحيها.


في مقدمة تحمل عنوان من فيض المخبرة، يصف الكاتب تلك اللحظات الاستثنائية التي ينثال فيها الحبر وكأنّه وحي داخلي، فتولد الكلمات مطرّزة بدهشة صاحبها قبل قارئها. هذه المقالات وُلدت من مساحات صغيرة سُرقت من زحام الأيام، وشيّدت بهدوء على مدار الشهور، حتى استوت على سوقها لتخرج استجابة لصديقٍ صدوق ألحّ أن ترى هذه المدونات النور.


يتقصّد الكاتب أن تكون مقالاته مقتضبة، مراعية لزمن ضاقت فيه أوقات القراءة. لذا جاءت نصوصه كـكبسولات فكرية سريعة، تحمل بين سطورها تنويعات من الحكمة والتأمل، كألوان الزهر المتباينة في بستان واحد. يشبّه الكاتب كل مقالة بزهرة لها رائحتها الخاصة وطعمها المتفرد، تفتح شهية القارئ للمزيد من مسامرات الحبر.


لا تذبحوا الإوزة هو كتاب لمحبي النصوص المكثفة ذات الوقع البليغ، ورسالة من مؤلفه إلى القارئ بأن يحتفي بما تمنحه الكتابة من ومضات نورانية لا تعوض، وألا يعجل بذبح أفكار الأمس قبل أن تمنحه بيضتها الذهبية.

كتاب مرايا البدر

 



كتاب مرايا البدر هو عمل أدبي ووجداني يقتفي أثر أربعين روحًا حفت بالنبي محمد ﷺ، صاغها الأديب عبدالعزيز آل زايد في مقصورات أربع، تضم كل مقصورة عشر حيوات نابضة بالنور. أطلق الكاتب على هؤلاء الصحابة اسم مرايا، إذ كلٌّ منهم كان مرآة صافية تعكس ضياء البدر النبوي، وتقتبس من هديه الطاهر.


يمضي الكتاب في سرد حكايات هؤلاء النفر المبارك، لا كمجرد أحداث تاريخية جامدة، بل كمواقف حية تبث عبق الروح ودفء القلب، يستهل الكتاب بمقدم يروي فيها الكاتب قصة أسيد بن حضير يوم تخلف عن بدر، ثم لقاؤه بالنبي ﷺ، وما دار بينهما من عتاب عذب وعناق حبيب.


ينتمي الكتاب إلى أدب السيرة النبوية بمذاق قصصي إنساني، يضيء الجوانب العاطفية والوجدانية لشخصياته، ويستلهم من سيرهم دروسًا وعبرًا للقلوب المتعطشة إلى السيرة بوجهها الرحيم، الحاني، الذي يستبطن القلب قبل السطر.


مرايا البدر ليس مجرد استذكار لوقائع، بل استحضار لروح جيل شهد النبوة، وتشرّب النور، ليكون هذا الكتاب مرآةً نطل بها على أنوار الصحبة، ونتعلم من انعكاسها على حياتنا.

كتاب أبي لا تضربني

 



كتاب أبي لا تضربني، يتناول الكاتب عبدالعزيز آل زايد بعين المربي وقلب الأب جملةً من القضايا التربوية الحساسة التي تشغل واقع الأسرة العربية، مسلطًا الضوء على أبرز مشكلات الطفولة وسلوكياتها، وكيفية معالجتها برفق وحكمة.


يأتي هذا العمل التربوي ليؤكد أن التربية ليست مقام قسوة وسطوة، بل ساحة رحمة وعقلانية، ينهل فيها الأب من معين الرفق والاعتدال. ينطلق الكاتب من تأملاته الذاتية وعلاقته بأبنائه، داعيًا الآباء إلى مراجعة ذواتهم أولًا، والغوص في ذاكرتهم الشخصية لاستحضار تجارب طفولتهم، قبل أن يحكموا على تصرفات أبنائهم أو يقسوا في معالجتها.


يرفض المؤلف بشجاعة خطاب العنف التربوي، سواء أكان لفظيًا أو جسديًا، مستنكرًا أن يتحول البيت إلى ساحة قهر بدل أن يكون مأوى أمان. وفي مقابل ذلك، يستدعي نماذج مشرقة من السيرة النبوية وقصص الأنبياء، حيث الحكمة واللطف والاحتواء ركن أصيل في التعامل مع الأبناء.


الكتاب يقدم باقات تربوية ثرية، تشكّل خطوات عملية نحو تربية أكثر وعيًا وإنسانية، بعيدًا عن منطق السيطرة وموروث العنف الممنهج، متيحًا للأب والأم سُبلًا لفهم سلوكيات الطفل، وطرق معالجتها بالحكمة والمودة.


بأسلوبه السلس وحججه المتينة، يصوغ عبدالعزيز آل زايد نصًا تربويًا معاصرًا يستحق القراءة، ليس للآباء فحسب، بل لكل من يعنيه أمر الطفولة ويرجو بناء جيل سليم النفس، متزن العاطفة.

كتاب الحنين إلى مكة

 



كتاب الحنين إلى مكة هو سيرة روحانية عابقة بالشوق ومضمخة بندى الذكرى، يدوّن فيها الكاتب عبدالعزيز آل زايد رحلته إلى قلب الملكوت، عبر إحدى عشرة حجة قضاها بين المشاعر المقدسة. لا يقتصر الكتاب على توثيق موسم واحد من مواسم الحج، بل هو بستان من الذكريات واللقطات والمواقف، قطفها الكاتب من مواسم متفرقة، فغدت سيرة عابرة للسنوات، تحفر أثرها في النفس وتطرّز الروح بندى الحنين.


ينتمي الكتاب إلى أدب الرحلات الدينية، لكنه يتفرّد بمسحة قصصية دافئة، تمزج بين الواقع والمخيال، بين ما كان وما تمنّت الذاكرة أن يُحفظ. يجعل الكاتب من تجربته نافذة مشرعة للمشتاقين، ورفيقًا للحاجّ قبل سفره وأثناء رحلته وبعد عودته، يوقظ به الأشواق في قلب من حجّ، ويرسم لمن لم يحجّ صورة من طهر تلك المشاهد.


في هذا العمل، يبوح الكاتب بمكنونات القلب حين يعانق الملكوت، ويوشّح سطوره بفوائد معرفية تأسر العقل، وتجارب إيمانية تُنضج الروح. إنه كتاب يروي ظمأ العاشق إلى مكة، ويمدّ الحنين بخيوط من نور.

الأحد، 3 أغسطس 2025

كتاب صوتي وسوسة إبليس

 


صدور الكتاب الصوتي

وسوسة إبليس – 14 حكاية متخيلة عن الشيطان للأديب السعودي عبدالعزيز آل زايد


أطلق الأديب السعودي عبدالعزيز آل زايد بالتعاون مع شركة بوفو ستوديوز ومنصة كتبناللنشر الشخصي، إحدى شركات أوتوميديا المتخصصة في المحتوى الصوتي الإبداعي،

النسخة الصوتية الكاملة من كتاب وسوسة إبليس، وهو عمل أدبي تأملي يضم أربع عشرة حكاية قصيرة متخيلة، تتناول أوجهًا متعددة من غواية الشيطان، وتكشف مكائد الوسوسة في الحياة اليومية، من خلال سرد فلسفي رمزي عميق، يمزج بين الدهاء، والسخرية، والتأمل.


إنتاج درامي تمثيلي مشوق، يُجسد الكتاب صراع الإنسان مع الخطيئة، ويضيء على مواقف داخلية حساسة، يختبئ فيها إبليس خلف حجج العقل، والضعف، والرغبة، عبر حوارات متخيلة تنبض بالحياة.

وهو عمل يتوجه إلى كل من أراد فهم ذاته في مرآة الخصم الأزلي: إبليس.


صدر الكتاب في نسخته الورقية عن دار الظاهرية للنشر والتوزيع (الكويت)، ثم توفّر لاحقًا بنسخة إلكترونية عبر مكتبة نيل وفرات (بيروت)، ويتوفر حاليًا بنسخة صوتية، عبر منصة قارئ جرير، بصيغتي MP3 وWAV.


تفاصيل الإصدار:

[كتاب صوتي] وسوسة إبليس – قصص متخيلة عن الشيطان

• المؤلف: عبدالعزيز آل زايد

• تاريخ النشر: 2025

• تصنيف الكتاب: كتب صوتية

• الناشر: عبدالعزيز آل زايد

• الصيغة: MP3 / WAV

• الإنتاج الصوتي: بوفو ستوديوز بالتعاون مع منصة كتبنا للنشر الشخصي – إحدى شركات أوتوميديا المتخصصة في المحتوى الصوتي الإبداعي.


نبذة عن الكتاب:

مجموعة قصصية درامية عن الشيطان بعنوان وسوسة إبليس، وهي أولى أعمال المؤلف القصصية، تطرح 14 قصة قصيرة متخيلة بأسلوب أدبي مشوق، تستعرض الصراع الخفي بين الإنسان ووساوس الشيطان.


يمزج العمل بين الخيال الأدبي والموعظة، عبر شخصيات مبتكرة وحوارات حادة مع إبليس، تكشف حِيَل الشيطان ومكائده في واقع الإنسان اليومي، وتعيد تشكيل الوعي بالعداوة الأزلية بين بني آدم وعدوهم الأول.


رحلة صوتية مشحونة بـالتأمل والدهشة، تسبر أغوار النفس ومواطن الضعف الإنساني، بلغة سردية نابضة بالحياة ومواقف تستفز الفكر وتوقظ البصيرة.


من اقتباسات الكتاب:


( ١ )

“ولكنك عدوي وعدو بني آدم، والقرآن يحثنا على معاداتك”، تبسم له الشيطان ورد عليه قائلًا: “وهل قاللك القرآن أحرق أوراق الامتحان؟، إنني امتحان لك ولأبيك آدم من قبلك ولكل ذريته، وإلا لكان الامتحانسهلًا ودخل النّاس الجنّة بالمجان، ومحال أن يخدع البشر ربّ العالمين، فلن يدخل الجنّة إلا أهل الصّلاح،ولن يكشف أمرهم إلا بامتحان صارم ينخل الجميع دون استثناء بما فيهم أنت، والآن انهض من فراشك فقد حان وقت الصلاة”.

***

( ٢ )

“… إن لي في هذا الشهر سواقي وجنود، ولا يعزب عني شيء”، أمسكه من تلابيبه وقال له وكاد أنيخنقه: “إني أنا الشيطان المارد، إني أنا الشيطان الرجيم الذي رفض الأوامر وتجبر، وإن لي أتباعًاوجنودًا من الجنّ والإنس”.

***

( ٣ )

هناك ضحك الشيطان والدخان يخرج من فمه ومنخريه بطريقة عجيبة، ثم أخذ في السعال، وقال بعد أن مسح دمعة سقطت من عينه من فرط الضحك: “مسكين أنت يا ابن آدم، تظن الشيطان بلا عقل ولا دراية”،وقف الشيطان على قدميه وبدى له طويلًا مهابًا وبصورة غاضبة وكاد أن يكسر الغليون في راحته وقالوهو يشير إليه بإصبعه القبيحة …

***

( ٤ )

“هل تريد عنواني؟”، قالها مبتسمًا، ثم أعقب: “إبليس ليس له دار ولا عنوان، فهو يتنقل بين البيوت والدور، وليس لديه وقت لينام، ولكن لا عليك فأنت هدف من أهدافي، وسنتقابل قريبًا…”.


لمن هذا العمل؟

لكل من يفتش في داخله عن معنى الخطيئة، وعن مكائد النفس،

ولكل من يريد أن يرى في الأدب مرآةً للذات المغفلة، ورسالة للتأمل.


عن المؤلف:

عبدالعزيز آل زايد، كاتب وروائي سعودي من مواليد مدينة الدمام (1979م)، حاصل على جائزة الإبداع من مؤسسة ناجي نعمان الثقافية في بيروت عام 2020، عن روايته “الأمل الأبيض”. يكتب في مجالات السرد الفلسفي والتأملات الأدبية، وله حضور فاعل في المشهد الثقافي العربي.



🔗 روابط الاستماع والشراء:


• النسخة الصوتية على قارئ جرير:

https://jarirreader.com/book/48181/%5B%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8-%D8%B5%D9%88%D8%AA%D9%89%5D-%D9%88%D8%B3%D9%88%D8%B3%D8%A9-%D8%A5%D8%A8%D9%84%D9%8A%D8%B3


• النسخة الورقية:

https://www.neelwafurat.com/itempage.aspx?id=lbb372136-368614&search=books


• النسخة الإلكترونية:

https://www.neelwafurat.com/itempage.aspx?id=sab37903-20038083&search=books