الجمعة، 16 مايو 2025

اتّبع مسلك الناجحين!‎



قل لي كيف ترى نفسك، أقل لك من أنت أو ما ستكون عليه!

‎البعض لا يعيش الحرية في حياته، والتبعية تملؤُه حتى أخمصيه، لذا ننصحك أن تكون مستقلًا بذاتك، وألا تكون أداة بيد غيرك، يحركها كيفما شاء، ويتخلص منها وقتما شاء.. ركّز على ما تعتقده في نفسك، فالفرادة جوهرة التاج الذي توّجك الله به، فلا تحرم نفسك من تميزك، ولا تجعل شخصيتك نسخة كربونية لغيرك، فأنت أغلى وأنفس من أي حجر كريم.


نعود للنجاح، ونقول لك إن منطقة النجاح بعيدة كل البعد عن الفشل والفاشلين، فإذا لم تستطع تحديد الإحداثيات فتجنب المنطقة الموبوءة بحسك بالفشل، وكما أن النجاح مُعْدٍ فالفشل كذلك، لذا إياك أن تستمع لشخص يحاول إحباطك وجرّك للخلف، يلزمك ممحاة وقلم أحمر.. الممحاة لتمسح من ذهنك كل فكرة سلبية علقت برأسك، والقلم الأحمر لتشطب به على كل وسوسة تحاول إعاقتك.


والآن يا صديقي إليك السؤال: هل تعرف نقاط قوتك ونقاط ضعفك؟. ببساطة، عليك أن تضع نفسك في المُنخُل، فنقاط الضعف عندك عيوب ستبقى طافية في غِربالك، وعليك التخلص منها في أقرب فرصة، أما نقاط قوتك فهي مزايا ستنفذ من ثقوب المُنخُل وعليك المحافظة عليها، فهل لديك هذه المصفاة التي تفرز القشور والشوائب عن اللباب؟


ثقتك بنفسك جسرك للنجاح، وهذا النجاح بذاته جسر لثقتك بنفسك، كلاهما موصل للآخر، المهم أن تبدأ الآن لتربط الضفتين بجسر، فبإمكانك أن تسبق الآخرين لو أردت، وهذا السبق يلزمه طريق مختلف لتختصر به المسافات، وستصل لما لم يصل إليه أحد قبلك.


هل سمعت مرة كلمة مستحيل، ثم تحقق ما يقهر هذا المعنون بالمستحيل؟ إن لديك القدرة على كسر زجاجة المستحيلات، فمتى سيخرج المارد من قمقمك؟. قل لنفسك دائمًا: وجد المستحيل ليخترق، فلماذا لا يكون حلمك ذاك المستحيل الذي يستحق منك محاولة تخطيه أو الظفر به على أقل احتمال؟


همسة صادقة نسوقها إليك: لا تبتئس من بداياتك؛ فقد تكون الآن يرقة ضعيفة حقيرة، ولكنك بعد اكتمال الطور الذي تغرق به، ستكون فراشة زاهية تخلب الألباب!. فقط امنح نفسك وقتًا، واجعل الطبيعة تدور دورتها، فلن يأتي الربيع إلا بعد انقضاء ثلاثة فصول.


إذا أردت النجاح فاتبع مسلك الناجحين، وحتى نضرب لك مثلًا نسوق إليك ناجحًا لا اختلاف عليه، رغم ضعفه وضآلته!. إن الناجح الذي نعنيه هو النملة، فهلا تأملت كيف تدير حياتها؟ تأمل لعلك تجد ضالتك لديها.


النملة تكدح وتتعاون مع جيش عظيم من بني جلدتها لتكتمل تلك المستعمرة المليئة بالمدخرات، حتمًا لن تركع هذه النملة الضعيفة أمام صقيع البرد القارس، رغم هوانها وضعفها، لماذا؟ ببساطة، لكونها عرفت ضعفها وعرفت قسوة الحياة، واتخذت التدابير اللازمة لمجابهة الظروف القاسية.


فلماذا تتفوق نملة وتخسر أنت؟ ألست أكرم عند الله من نملة؟ إذا أردت الثراء فعليك بالادّخار والاستثمار، إذا أنفقت جميع دراهمك فستتبخر من راحتك الثروات، لهذا ضع نصب عينيك الحكمة: "احفظ قرشك الأبيض ليومك الأسود".


فلماذا لا نتعلم درس الادخار من حكمة النمل؟ جرّب ولو لمرة أن تكون نملة في تفكيرها، وستتغلب على الصقيع! جرّب ولو لمرة، فالتعاون والادخار والعمل الدؤوب بلا كلل ولا ملل هو بداية الطريق، كن نملة لعام واحد لتعلم الفرق بين النملة والصرصار، الذي يغني طيلة الصيف ويطرق باب الآخرين طيلة الشتاء!


إن ثقافة النملة أنقذت أمة، وهذا ما ساقه يوسف الصدّيق لعزيز مصر: {قَال تزرعون سبع سنين دأبًا فما حصدتم فذروه في سنبله إلَّا قليلًا ممَّا تأكلون}.. جرّب ادّخار ما لديك وجرّب عدم تبديد الثروات، اعمل وادَّخر، واقتفِ أثر النمل، في غضون سبع سنوات ستمتلك الحرية الاقتصادية التي ترومها.

ذات مرة شاهدت قطعة خبز صغيرة، هجمت عليها نملة مفردة لم تتمكن من حملها، وبعد ساعة تمكنت هذه النملة من نقل القطعة إلى مسكنها بمعونة فريق من الزميلات!. بصراحة، لا أعلم المماحكات والمحاصصات التي تم إبرامها بين هذا الفريق، ما أعرفه أن هذه النملة حصلت على مرادها، وأظن الجميع كسب من هذه الصفقة، المهم هو الدرس الذي نتعلمه، وهو أنّ من أراد أمرًا بلغه.


عفوًا، قد لا يكون الجميع بإخلاص النمل، هناك ذئاب لا تأكل بعضها بخلاف بني جلدتنا الذين يستمرئون أكل بعضهم، بالطبع ليس الجميع كذلك، ولكن الحذر واجب قبل فتح صندوق الانتخاب، احذر ممن له صوت الفحيح، احذر ممن يرتدي فروة الحَمَل، احذر أثناء دخولك عالم الاستثمار الذي قد يقودك للفشل، احذر من الطمع الذي تعقبه خسارة، فالادّخار أشرف لك من زيادة المال دون بصيرة.


كن كالنملة، تعمل كثيرًا وتدّخر أكثر مما تأكل، لتصحو ذات ليلة شاتية تستطعم أكل الكستناء.


9%86

احذر من العلاقات السامة



تصور أن أمامك رجلًا محترمًا تحسب له ألف حساب؟، هذا الرجل المحترم يهابه الناس، لهذا يخلقون الكثير من الحواجز النفسية لمخاطبته، ويغفلون عن كونه بشرًا.


‎هذا الرجل المهاب المتزن ذو الملابس الفاخرة سيتحول في لحظة إلى شخص آخر في ثوانٍ معدودة، إذا أهان شخصًا ما بصفعة، ردود الأفعال البشرية كثيرًا ما تكون طفولية وهمجية وملوّنة بتلاوين الحيوانات المفترسة، فالمناطقة حين يصفون الإنسان بكونه حيوانًا ناطقًا، لم يجانبوا الحقيقة، فلو جردته من ملابسه ولا حظته في أسوأ حالاته وغضبه، لن تفرق كثيرًا بينه وبين سائر حيوانات الغابة.


‎كثيرًا ما نشاهد الفرقعة البصرية حين يظهر الإنسان المتأنق على طبيعته الحيوانية البسيطة عند أتفه مشاجرة، لهذا يبتعد البعض عن التعامل مع الناس، ويقول: "اعتزال البشر مأمن، وفراق الناس عيد"، فكم من سلامة حليفة المنزوي، لما يصدر من الحماقات البشرية.


‎لهذا يعتقد الكثيرون أن الغنيمة في الابتعاد عن مصادر التوتر، والهروب من بؤر المشاحنات، فإذا لم تكن ضمن فرائس النزاعات، قد ينالك بعض الشرر، حينما تدنو قليلًا وتقترب.


‎فالحكيم يسحب رجليه عن مجالسة كل نَزِقٍ خَرِق لا يضع لنفسه لجامًا، وكل شخص عرضة للتعامل مع شخص ما هو بركان في صورة رجل، أو رجل حقيقته مصاص دماء في ثوب حمل وديع، إذ يتربص بك الدوائر وينتظر منك أقلّ ثغرة لينالك منه اللّهب ويلتهمك دون ملعقة!


‎ماذا لو عرفت أن دخولك في طريق ما سيوقعك في مصيبة قاتلة؟، هل تجرؤ على الدخول؟، الجواب العقلائي أنك حتمًا لن تخطو خطوة في ذلك المنزلق.


‎والتعامل مع بني البشر بمثابة الخوض في الممرات والطرق، بعض هذه الممرات مليئة بالزهور العاطرة والحدائق الناضرة، وبعضها الآخر مفروش بالأشواك وحساؤك السّعْدان والقاذورات، بمعنى أن هناك علاقات سامة، قد تدفع ثمن ارتباطك بها، لهذا عليك الحذر ثم الحذر قبل عقد هذه العلاقات.


‎يروى أن فتاة تسمى هديل تعلّقت بفتى أحلام اسمه خالد، كان خالد هذا نموذجًا ساحرًا في عيونها في بداية العلاقة، ومع الوقت أدركت أنه مجرد مرض لا تستطيع الخلاص منه، في بداية الأيام كان يقدم خالد لها الورد والهدايا مع ابتسامة واسعة تشي بأنه معجب بكل ما فيها، ومع الوقت أخذ يعرض لها مجموعة من النصائح الوديّة التي تحوّلت فيما بعد لانتقادات لاذعة أفهمتها بإحساس عدم الجدارة والكفاية، هذه كانت البداية ثم تضاعفت الأهوال حيث اتهمها بالخيانة!.


وكثيرًا ما كانت تكتشف أنه كان يتلصص عليها ويفتش في مقتنياتها بصورة مقززة ليضعها في قفص الاتهام، ورغم كل تصرفاته الهوجاء تلك كان يغلف هذا السجن بالحُبّ والحماية.


‎غرقت هديل في مستنقع الحزن ولفّت بها الكآبة السوداء وانعزلت في شرنقة الوحدة وشعرت بالاختناق من براثن زوج المستقبل حتى إنها فكرت بالانتحار لولا سماعها آية تخاطبها تقول: (وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ)، على الفور أوقفت محاولة الانتحار، ثم أدركت أن مغزى الآية أبعد من ذلك، وهو الخلاص من هذا الزوج القاتل، فالقتل المعنوي أمرّ وأدهى.


‎طلبت المعونة من صديقة مقربة وشكت إليها الأزمة باكية، هنا بدأت لحظة التنوير وانفكاك حلقة العقدة، وقالت لها بالحرف: "ابتعدي عن كل علاقة سامة، فأنت تستحقين الأفضل"، وبصعوبة بالغة تمكنت هديل الخلاص من هذا الشبح الذي يفري أوداجها على مهل.


‎هذه القصة الواقعية قطرة من ملايين العلاقات السامة التي تصيب مجتمعاتنا وأسرنا، تستهلك منا الطاقات وتغيبنا في دوامات نفسية صعبة لشهور وسنوات، فمتى سنوقف هذه العلاقات الخطرة؟


‎لو رجعنا لسجلات الجرائم كوقائع القتل والاعتداء، لوجدنا أن الباعث الأولي لها تافه من التوافه، هذه الشرارة البسيطة توافقت مع وجود شخص متهيّج نفسيًا وعصبيًا نستطيع أن نسميه لغمًا بشريًا قابلًا للانفجار.


‎في مرّة من المرات دوّى في الصحافة مصرع بائع سندويتشات في بوفيه محلي أشهر عليه أحد الزبائن سكينًا وأنهى حياته في غضون ثوانٍ بالسلاح الأبيض، وثّقت كاميرا هذا المحل بداية النزاع، وانتشر هذا المقطع كالنّار في الهشيم. السبب الظاهر ليس الشرارة الحقيقية لذلك المصرع المفجع، بل هذه النفس البشرية القابلة للتشظي والفتك.


‎البعض يرجع العوامل لما تكتبه المفاجآت، ويغفل أننا ضمن حلبة هذه اللعبة وأحد مسببات هذه الكارثة، فمن يسحب فتيل القنبلة لن يسلم من دفع الثمن، في مرَّة من المرات أثار أحدهم حفيظة شخص فألقى الأخير عليه الشاي فلوث ملابسه، قد تكون عاقبة هذه الحادثة محتملة، وقد تفرز تشوهات مستدامة لا علاج لها إذا كان القدح ساخنًا.


‎نستطيع سوق جملة من نصائح التعامل مع الآخرين لتقليل الأضرار منها: الحذر من الغرباء، وتقنين التعامل مع الفئة المقهورة، وتحاشي الحديث مع الفرد الغاضب، والترفع عن المزاح مع من لا يستطعمه، فرب مزحة صغيرة ولدت وقائع كبيرة.


‎فهل يدرك صاحب السيجار خطورة مروره بمنطقة التسريب الغازي؟، لا تتعجب لو أبصرت مشهدًا يُتَداول لسيجارة بسيطة ولدت حرائق كارثية، فلماذا نستصغر مستصغرات الشرر؟، وما النار العظيمة إلا إحدى نتائجه.