ادعموا كتب الأطفال
هل توجد أبوة اعتباريّة في هذا العالم؟، بلاشك هناك أثرياء خيرين، يحتاجون للنصح وطرح الأفكار النيرة، من جملة تلك الأفكار، دعم كتب الأطفال، فالإنسان تتشكل شخصيته بنسبة كبيرة في طفولته المبكرة، لهذا كان من المهم العناية بشريحة الأطفال، فالكاتب والثري والدولة، وكل فرد منا عليه مسؤولية في تنشأة هذا الطفل وتربيته، والقراءة والكتاب والمكتبة، لهما دور كبير وبارز في صقل شخصيات هذه الفئة..
فلماذا لا يخصص الثري جزء من ماله لدعم كتب الصغار؟، لماذا لا يتكفل بتوزيع بعض الكتب مجانًا للمدارس والمعاهد والمؤسسات التي تهتم بهذه الفئة، فلتكن هذه الحركة لفتة نبيلة وذكرى طيبة منه لكل الأجيال، فهناك كتب أثرت إيجابيًّا في بلورة عقل طفل، وهناك أطفال أبدعوا من خلال التزامهم بدخول المكتبة، فهل فكر الثري ببناء مكتبة للصغار، هل فكر بدعم الكتب التي تبني كفاءة وطن.
كذلك نقول للمؤلفين والطبقة العلميّة، لماذا لا يهبط الكاتب المرموق عن برجه العاجي، ليؤلف كتابًا للصغار؟، لماذا لا ننظر لأطفال اليوم بما سيكونون غدًا؟، طفل اليوم هو عبقري المستقبل، طفل اليوم هو ذلك المخترع والمبدع الذي يحتاج اليوم لمن يرعاه، وأغلب كتّابنا مع الأسف الشديد لا يفكرون أن يحملوا القلم يومًا ليسطروا كتابًا لطفل!.
أعجبني في الكتّاب المفكر المصري الراحل الدكتور عبد الوهاب المسيري، فرغم كونه شغوفًا بالكتابة العلمية المعمقة والرصينة إلا أنّ لديه كتب خصصها لفئة الصغار، فهل يعيب الكاتب المرموق والصحفي البارع والشاعر الملهم أن يكتب لشريحة الأطفال؟، هناك عدد كبير من الكتب المترجمة لهذه الفئة، وهذا يعكس شح الكتابة في لغة العرب، ندعو الدول التي تدعم حليب الأطفال أن تدعم الغذاء العقلي والفكري والتربوي، نظن أن أمتنا بدأت تخط طريق وعيها، لهذا كما تدعم منتوجات البطن والثلاجة، ينبغي دعم منتوجات العقل والمكتبة. أليست مدارسنا تعلمنا أن النقش في الصغر أبلغ من النقش في الحجر؟، فلماذا اهمال هذا النقش الذي تحتاجه الطفولة؟
لماذا لا يفكر أصحاب الأمر والثراء في خلق صندوق ثقافي يدعم كتاب الطفل، نشكر المؤسسات الثقافية التي تعنى بهذه الشريحة، إلا أن النفق لايزال مظلمًا ويحتاج للمزيد من المصابيح. فربّ طفل قارئ اليوم ينير العالم كما أنار ضوء الكهرباء.