هناك من شكك في المعراج باعتبار أن الأمم السابقة تحدثوا عن المعراج في أساطيرهم وأقاصيصهم، منهم: عروج ملك ايتانا حاكم مدينة لكش على جناح نسر، وكذلك زرادشت، ومعراج أفروديت الأسطورة الإغريقية والتي امططت صهوة فرس مجنح له رأس إنسان مماثل لهيئة البراق، وسواها.
هناك منكرين للإسراء والمعراج، باعتبار أنها حادثة خرافية في نظرهم استلبت من حكايات الفرس ولعبت أصابع اليهود بها، كما لعبت في التوراة من قبل، (يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ)، وهذا ما يصطلح عليه بتأثير "الإسرائيليات" في المرويات الإسلامية، نقول من أراد أن يبحر في هذا الجانب عليه طرح الدليل، فمجرد الاستحسانات والتصورات لا تكفي، لهذا نحتاج لمراجعة سورتي الإسراء والنجم التي يستشهد بها في إثبات وقوع معجزة الاسراء والمعراج، طبعًا قد ترد آيات أخرى لها صلة بالموضوع.
في تصورنا القاصر إذا انطلقنا من آيات القرآن، سنقول: أنّ النبي لم يسرِ ولم يعرج بنفسه كالطائر السينمائي الخارق (سوبر مان)، بل أسري به وعُرج به عبر البراق، هناك من يرى أنّ للنبي قدرة أسطورية خارقة تمكنه من التحليق في الفضاء وبلوغ سدرة المنتهى دون واسطة، على الطريقة الغنوصية، وهذا يحتاج لإثبات لكون الآية تصرح ببشرية النبي (هَلْ كُنتُ إِلَّا بَشَرًا رَّسُولًا)، والتحليق الغنوصي ينافي بشريته على الظاهر.
سورة النجم لا تتحدث عن الإسراء، فقط عن المعراج كما هو المشهور، بينما سورة الإسراء لا تتكلم عن المعراج وتلتزم بحادثة الإسراء فقط؟، فهل حدث الإسراء في ليلة واحدة؟، أم في ليالٍ متفاوتة؟، نحتاج لدليل للجزم والقطع، ثم أي الحدثين وقع أولًا هل الأسراء؟، أم المعراج؟، هذا السؤال يطرح باعتبار أن الترتيب القرآني ليس مقياسًا صحيحًا، ونحتاج إلى معرفة ترتيب السور وفق النزول، فسورة النجم وفق ترتيب النزول (٢٣)، بينما سورة الإسراء (٥٠)، وهذا يعني أنّ آيات المعراج نزلت قبل الإسراء حسب ترتيب النزول، أما الترتيب وفق ترتيب المصحف لا يعتد به. وإذا كان الإسراء وقع ثم المعراج، لماذا تأخر الحديث عن المعراج قرآنيًّا ولم يطرح إلا متأخرًا بعد نزول (٢٧) سورة على الأظهر؟
في اللغة مفردة (المعراج) على وزن مفعال وهو اسم آلة، أي أن المعادل الموضوعي للمعراج يساوق البراق، في الموروث الروائي، نقول في الموروث الروائي باعتبار أنّ القرآن لم يتحدث عن هذه الدابة السماويّة، التي يتساءل البعض لماذا لم يوثقها القرآن؟، النتيجة أنّ الإسراء فعل، بينما المعراج ليس فعلًا بل اسم آلة، وفي التفاسير المعراج يعني: الدرج أو السلم، غير أن النبي لم يستخدم درجًا ولا سلمًا بل استخدم (البراق)، كما في الموروث، لهذا قلنا أنّ المعراج هو البراق، باعتبار أن المعراج اسم آلة وليس فعلًا كالإسراء.
مرويات الإسراء والمعراج تصرح أن من قاد البراق للنبي هو جبريل، الذي رافق النبي في رحلته الإعجازية، ومن خلال مراجعة الآيات، نكتشف أن الملاك جبريل ليس كبقية الملائكة، بل له قوة خارقة بحيث يقطع ( ٥٠ ألف سنة قرآنية ) في ليلة واحدة، والمعادل الموضوعي لـ ( ٥٠ ألف سنة قرآنية ) تساوي ( ألف سنة بشرية )، لأن الآيات تقول: (ألف سنة مما تعدون) في الآيات التي تحدثت عن عروج الملائكة، منه نستنتج أنّ السنة البشرية سريعة بالمقارنة بالسنة القرآنية والتي تساوي ٥٠ سنة قرآنية.
هل كانت رحلة الإسراء جوية بواسطة البراق، كما هو رأي المشهور؟، أم هي رحلة برية خلافًا لما يراه الكثير؟، السؤال طرح باعتبار أن قصة موسى وقصة لوط في القرآن استخدمتا مفردة (الإسراء)، والمراد منها (السير ليلًا)، لا الطيران، فالمفردة (أسرى بعبده) في سورة الإسراء، تعني أنه سار به ولم يركب الدابة المجنّحة "البراق" ليطير بها، وإلا لذكرت الآية (لطار أو حلق بعبده)، بينما الدقة اللفظية تقول: (أسرى بعبده)، أي السير في الليل، وليس الطيران ليلًا. فإذا بلغ النبي فلسطين على المشهور، فهو اسراء بري وليس اسراء جوي، وهذا يقودنا إلى الحديث عن معجزة (طي الأرض) للنبي محمد في ليلة الإسراء وهي مسألة اعجازية لم أجد أحدًا تحدث عنها في قصة الإسراء، أما قصة البراق فهي ضرورية للمعراج إذا وقع في الحقيقة على المشهور، وليس في المنام كما يفترض البعض، لماذا ضرورية؟، لآن الآية تقول: (لن تنفذوا إلا بسلطان)، وكان البراق هو السلطان، عليه فإنّ النتيجة المحتملة أنّ النبي طويت له الأرض وكان إسراؤه برًا لا جوًا، بينما العروج كان عروجًا جويًّا عبر البراق، فالبراق لم يطير بالنبي في الإسراء، بل في المعراج فقط، وهذا يعني تحقق معجزتين طي الأرض والصعود للسماء، والله اعلم.